والعام : مدّة من الزمان معلومة ، وعينه واو ؛ لقولهم في التصغير : عويم ، وفي التكسير : «أعوام».
وقال النقّاش : «هو في الأصل مصدر وسمّي به الزمان ؛ لأنه عومة من الشمس في الفلك ، والعوم : هو السبح ؛ وقال تعالى : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس : ٤٠] فعلى هذا يكون العوم والعام كالقول والقال».
فإن قيل (١) : ما الحكمة في أن أماته الله مائة عام ، مع أنّ الاستدلال بالإحياء بعد يوم ، أو بعض يوم حاصل.
فالجواب : أنّ الإحياء بعد تراخي المدّة أبعد في العقول من الإحياء بعد قرب المدّة ، وبعد تراخي المدّة يشاهد منه ، ويشاهد هو من غيره ، ما هو عجب.
قوله : (ثُمَّ بَعَثَهُ) ، أي : أحياه ، ويوم القيامة يسمّى يوم البعث ؛ لأنهم يبعثون من قبورهم ، وأصله : من بعثت الناقة ، إذا أقمتها من مكانها.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله ـ تبارك وتعالى ـ (ثُمَّ بَعَثَهُ) ولم يقل : ثمّ أحياه؟
فالجواب (٢) : أن قوله «بعثه» يدلّ على أنه عاد كما كان أوّلا : حيّا ، عاقلا ، فاهما ، مستعدا للنظر ، والاستدلال ، ولو قال : ثمّ أحياه ، لم تحصل هذه الفوائد.
قوله : «كم» منصوب على الظرف ، ومميّزها محذوف تقديره : كم يوما ، أو وقتا.
والناصب له «لبثت» ، والجملة في محلّ نصب بالقول ، والظاهر أنّ «أو» في قوله : (يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) بمعنى «بل» للإضراب ، وهو قول ثابت ، وقيل : هي للشك.
فصل
قال ابن الخطيب : من الخوارق ما يمكن في حالة ، ومن الناس من يقول في قصة أهل الكهف ، والعزير : إنه كذب على معنى وجود حقيقة الكذب فيه ، ولكنه لا مؤاخذة به ، وإلّا فالكذب : الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه ، وذلك لا يختلف بالعلم ، والجهل ؛ فعلى هذا يجوز أن يقال : إنّ الأنبياء لا يعصمون عن السّهو والنّسيان ، والقول الأوّل أصحّ (٣).
قوله : (قالَ بَلْ لَبِثْتَ) عطفت «بل» هذه الجملة على جملة محذوفة ، تقديره : ما لبثت يوما أو بعض يوم ، بل لبثت مئة عام. وقرأ نافع (٤) ، وعاصم ، وابن كثير : بإظهار الثّاء في جميع القرآن الكريم ، والباقون : بالإدغام.
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٢٩.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٢٩.
(٣) سقط في ب.
(٤) انظر : الحجة ٢ / ٣٦٧ ، وإعراب القراءات ١ / ٩٣ ، والعنوان ٧٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ١١٨ ، وإتحاف ١ / ٤٤٩.