وقعت طرفا بعد ألف زائدة. والمفاعلة في «راءى» على بابها ، لأنّ المرائي يري النّاس أعماله ؛ حتى يروه الثّناء عليه ، والتّعظيم له. وقرأ (١) طلحة ـ ويروى عن عاصم ـ : «رياء» بإبدال الهمزة الأولى ياء ، وهو قياس الهمزة تخفيفا ؛ لأنّها مفتوحة بعد كسرة.
قوله : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ) مبتدأ وخبر ، ودخلت الفاء ، قال أبو البقاء (٢) : «لتربط الجملة بما قبلها» كما تقدّم ، والهاء في «فمثله» فيها قولان :
أظهرهما : أنها تعود على «الّذي ينفق رئاء النّاس» ؛ لأنّه أقرب مذكور فيكون المعنى أنّ الله شبّه المانّ المؤذي بالمنافق ، ثم شبّه المنافق بالحجر.
والثاني : أنها تعود على المانّ المؤذي ، كأنه تعالى شبّهه بشيئين : بالذي ينفق رئاء وبصفوان عليه تراب ، فيكون قد عدل من خطاب إلى غيبة ، ومن جمع إلى إفراد.
والصّفوان : حجر كبير أملس ، وفيه لغتان :
أشهرهما سكون الفاء ، والثانية فتحها ، وبها قرأ ابن المسيّب والزّهريّ ، وهي شاذّة ؛ لأنّ «فعلان» إنّما يكون في المصادر نحو : النّزوان ، والغليان ، والصفات نحو : رجل طغيان وتيس عدوان ، وأمّا في الأسماء فقليل جدا. واختلف في «صفوان» فقيل : هو جمع مفرده : صفا ، قال أبو البقاء (٣) : «وجمع «فعل» على «فعلان» قليل». وقيل : هو اسم جنس.
قال أبو البقاء (٤) : «وهو الأجود ، ولذلك عاد الضّمير عليه مفردا في قوله : عليه».
وقيل : هو مفرد ، واحده «صفيّ» قاله الكسائي ، وأنكره المبرّد. قال : «لأنّ صفيّا جمع صفا نحو : عصيّ في عصا ، وقفيّ في قفا». ونقل عن الكسائي أيضا أنه قال : «صفوان مفرد ، ويجمع على صفوان بالكسر». قال النّحاس (٥) : «ويجوز أن يكون المكسور الصّاد واحدا أيضا ، وما قاله الكسائيّ غير صحيح ، بل صفوان ـ يعني بالكسر ـ جمع لصفا ك «ورل» وورلان ، وأخ وإخوان وكرى وكروان».
وحكى أبو عبيد عن الأصمعي أن الصّفوان ، والصّفا ، والصّفو واحد والكلّ مقصور.
وقال بعضهم (٦) : الصّفوان : جمع صفوانة ، كمرجان ، ومرجانة ، وسعدان ، وسعدانة.
__________________
(١) وقرأ بها عليّ كما في الشواذ ١٦ ، وانظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٥٨. والبحر المحيط ٢ / ٣٢١ ، والدر المصون ١ / ٦٣٧ ، وإتحاف ١ / ٤٥٢ وفيه نسبها إلى أبي جعفر.
(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١١٢.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) ينظر : إعراب القرآن للنحاس ١ / ٢٨٧.
(٦) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٤٧.