وقال بعضهم (١) : الصّفوان : هو الحجر الأملس ، وهو واحد وجمع.
و «عليه تراب» : يجوز أن يكون جملة من مبتدأ ، وخبر ، وقعت صفة لصفوان ، ويجوز أن يكون «عليه» وحده صفة له ، و «تراب» فاعل به ، وهو أولى لما تقدّم عند قوله «في كلّ سنبلة مائة حبّة». والتّراب معروف وهو اسم جنس ، لا يثنّى ، ولا يجمع.
وقال المبرّد : وهو جمع واحدته «ترابة». وذكر النّحّاس له خمسة عشر اسما : تراب وتورب ، وتوراب ، وتيراب وإثلب وأثلب وكثكث وكثكث ودقعم ودقعاء ورغام بفتح الراء ، ومنه : أرغم الله أنفه أي : ألصقه بالرّغام وبرى ، وقرى بالفتح مقصورا [كالعصا وكملح وعثير](٢) وزاد غيره تربة وصعيد.
ويقال : ترب الرّجل : افتقر. ومنه : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) [البلد : ١٦] كأنّ جلده لصق به لفقره ، وأترب ، أي : استغنى ، كأنّ الهمزة للسّلب ، أو صار ماله كالتّراب.
قوله «فأصابه» عطف على الفعل الذي تعلّق به قوله : «عليه» ، أي : استقرّ عليه تراب ، فأصابه. والضّمير يعود على الصّفوان ، وقيل : على التّراب. وأمّا الضّمير في «فتركه» فعلى الصفوان فقط. وألف «أصابه» من واو ؛ لأنه من صاب يصوب.
والوابل : المطر الشّديد ، وبلت السّماء تبل ، والأرض موبولة ، ويقال أيضا : أوبل ، فهو موبل ، فيكون ممّا اتفق فيه فعل ، وأفعل ، وهو من الصّفات الغالبة كالأبطح ، فلا يحتاج معه إلى ذكر موصوف. قال النّضر بن شميل :
أول ما يكون المطر رشا ، ثم طشا ، ثم طلّا ، ورذاذا ، ثم نضحا ، وهو قطر بين قطرين ، ثم هطلا وتهتانا ، ثم وابلا و؟؟؟ جودا. والوبيل : الوخيم ، والوبيلة : حزمة الحطب ، ومنه قيل للغليظة : وبيلة على التّشبيه بالحزمة.
قوله : «فتركه صلدا» كقوله تعالى : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) [البقرة : ١٧]. والصّلد : الأجرد الأملس ، ومنه : «صلد جبين الأصلع» : أي برق ، والصّلد أيضا صفة ، يقال : صلد بكسر اللام يصلد بفتحها ، فهو صلد. قال النّقّاش : «الصّلد بلغة هذيل». وقال أبان بن تغلب : «الصّلد : اللّيّن من الحجارة» وقال علي بن عيسى : «هو من الحجارة ما لا خير فيه ، وكذلك من الأرضين وغيرها ، ومنه : «قدر صلود» أي : بطيئة الغليان» ، وصلد الزّند : إذا لم يورد نارا.
قوله : (لا يَقْدِرُونَ) في هذه الجملة قولان :
أحدهما : أنها استئنافية فلا موضع لها من الإعراب.
والثاني : أنها في محلّ نصب على الحال من «الّذي» في قوله : (كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ) ،
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢٥١.
(٢) في ب : كالقضاه وكملح وغيره.