وقال مجاهد : هي القرآن ، والعلم ، والفقه (١) ، وروى ابن أبي نجيح عنه هي الإصابة في القول ، والفعل (٢).
وقال إبراهيم النخعيّ : هي معرفة معاني الأشياء ، وفهمها (٣).
وروي عن مقاتل ، قال : تفسير الحكمة في القرآن على أربعة أوجه :
أحدها : مواعط القرآن. قال : (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) [البقرة : ٢٣١] وفي النساء (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [النساء : ١١٣] يعني المواعظ ومثلها في آل عمران.
وثانيها : الحكمة بمعنى : الفهم ، والعلم قال (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم : ١٢] وفي لقمان (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) [لقمان : ١٢] يعني الفهم ، والعلم ، وفي الأنعام (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) [الأنعام : ٨٩] وفي «ص» (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) [ص : ٢٠].
وثالثها : النبوة.
ورابعها : القرآن بما فيه من عجائب الأسرار ، قال في النحل : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ)(٤) [النحل : ١٢٥] وفي هذه الآية (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) وعند التحقيق ترجع هذه الوجوه إلى العلم.
قال أبو مسلم : الحكمة : فعلة من الحكم ، وهي كالنّحلة : من النّحل ، ورجل حكيم إذا كان ذا حجى ، ولبّ ، وإصابة رأي وهو في هذا الموضع في معنى الفاعل ، ويقال : أمر حكيم ، أي : محكم.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ) : الجمهور على «يؤتي» «ومن يؤت» بالياء فيهما ، وقرأ (٥) الريع بن خيثم : بالتاء على الخطاب فيهما. وهو خطاب للباري ؛ على الالتفات.
وقرأ الجمهور : «ومن يؤت» مبنيا للمفعول ، والقائم مقام الفاعل ضمير «من» الشرطية ، وهو المفعول الأول فتكون في محل رفع ، و «الحكمة» مفعول ثان.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٥٧٦).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٥٧٧) عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦١٦) وعزاه لعبد بن حميد عن مجاهد.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢٥٧.
(٤) انظر : «التفسير الكبير» للفخر الرازي (٧ / ٥٩).
(٥) الذي ذكر عن الربيع أنه قرأ بالتاء في «تؤتي» و «تشاء». انظر : الشواذ ١٧ ، والبحر المحيط ٢ / ٣٣٤ ، والدر المصون ١ / ٦٤٨.