وتقوّى الكوفيّون بقراءة عبد الله ، وأبيّ (١) ؛ وعثمان : «وإن كان ذا عسرة» أي : وإن كان الغريم ذا عسرة. قال أبو عليّ : في «كان» اسمها ضميرا تقديره : هو ، أي : الغريم ، يدلّ على إضماره ما تقدّم من الكلام ؛ لأنّ المرابي لا بدّ له ممّن يرابيه.
وقرأ (٢) الأعمش : «وإن كان معسرا» قال الدّاني ، عن أحمد بن موسى : «إنها في مصحف عبد الله كذلك».
ولكنّ الجمهور على ترجيح قراءة العامة وتخريجهم القراءة المشهورة. قال مكي (٣) : وإن وقع ذو عسرة ، وهو سائغ في كلّ الناس ، ولو نصبت «ذا» على خبر «كان» ، لصار مخصوصا في ناس بأعيانهم ؛ فلهذه العلة أجمع القرّاء المشهورون على رفع «ذو».
وقد أوضح الواحديّ هذا ، فقال : «أي : وإن وقع ذو عسرة ، والمعنى على هذا يصحّ ، وذلك أنه لو نصب ، فقيل : وإن كان ذا عسرة ، لكان المعنى : وإن كان المشتري ذا عسرة ، فنظرة ؛ فتكون النظرة مقصورة عليه ، وليس الأمر كذلك ؛ لأن المشتري ، وغيره إذا كان ذا عسرة ، فله النظرة إلى الميسرة».
وقال أبو حيّان (٤) : من نصب «ذا عسرة» ، أو قرأ «معسرا» فقيل : يختصّ بأهل الرّبا ، ومن رفع ، فهو عامّ في جميع من عليه دين ، قال : «وليس بلازم ، لأنّ الآية إنما سيقت في أهل الربا ، وفيهم نزلت» قال شهاب الدين : وهذا الجواب لا يجدي ؛ لأنه وإن كان السياق كذا ، فالحكم ليس خاصا بهم.
وقرئ (٥) «ومن كان ذا عسرة» ، وقرأ (٦) أبو جعفر «عسرة» بضم السين.
فصل
قال ابن الخطيب (٧) : لما كنت ب «خوارزم» ، وكان هناك جمع من أكابر الأدباء ،
__________________
(١) وهي قراءة ابن عباس.
انظر : البحر المحيط ٢ / ٣٥٤ ، والدر المصون ١ / ٦٦٨.
(٢) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٧٦ ، وعبارة الداني كما أوردها ابن عطية ليس فيها ذكر لمصحف عبد الله ، قال : قال أبو عمرو الداني عن أحمد بن موسى : وكذلك في مصحف أبي بن كعب ...» ولعل عمدة المصنف هاهنا ما ذكره السمين الحلبي في الدر ١ / ٦٦٨ ، ووافقه أبو حيان ٢ / ٣٥٤.
وانظر : التخريجات النحوية ٣٦٣ ، والقرطبي ٣ / ٢٥١.
(٣) ينظر ؛ المشكل لمكي ١ / ١١٧.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٣٥٤.
(٥) وهي قراءة أبان بن عثمان كما في البحر المحيط ٢ / ٣٥٤.
(٦) انظر : إتحاف فضلاء البشر ١ / ٤٥٨.
(٧) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٨٨.