صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّ الله يدني المؤمن يوم القيامة حتّى يضع عليه كنفه يستره من النّاس ، فيقول : أي عبدي ، أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول : نعم أي ربّ ، ثم يقول : أي ربّ ، حتّى إذا قرّره بذنوبه ، ورأى في نفسه أنّه قد هلك ، قال : فإنّي قد سترتها عليك في الدّنيا وقد غفرتها اليوم ، ثمّ يعطى كتاب حسناته [بيمينه] ، وأمّا الكافر والمنافق فيقول الأشهاد هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة الله على الظّالمين» (١).
السادس : أنه ـ تعالى ـ قال : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) فيكون الغفران لمن كان كارها لورود تلك الخواطر ، والعذاب إن كان مصرّا على تلك الخواطر مستحسنا لها.
السابع : المراد كتمان الشّهادة ؛ وهذا ضعيف ، لعموم اللّفظ.
قوله تعالى : «فيغفر» : قرأ (٢) ابن عامر وعاصم برفع «يغفر» و «يعذّب» ، والباقون من السبعة بالجزم ، وقرأ ابن عباس (٣) والأعرج وأبو حيوة : «فيغفر» بالنصب.
فأمّا الرفع : فيجوز أن يكون رفعه على الاستئناف ، وفيه احتمالان :
أحدهما : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : فهو يغفر.
والثاني : أنّ هذه جملة فعلية من فعل وفاعل ، عطفت على ما قبلها.
وأمّا الجزم فللعطف على الجزاء المجزوم.
وأمّا النصب : فبإضمار «أن» ، وتكون هي وما في حيّزها بتأويل مصدر معطوف على المصدر المتوهّم من الفعل قبل ذلك ، تقديره : تكن محاسبة ، فغفران ، وعذاب. وقد روي قول النابغة بالأوجه الثلاثة ، وهو : [الوافر]
١٣٠٢ ـ فإن يهلك أبو قابوس يهلك |
|
ربيع النّاس والبلد الحرام |
ونأخذ بعده بذناب عيش |
|
أجبّ الظّهر ليس له سنام (٤) |
__________________
(١) أخرجه البخاري (٣ / ٢٥٧) كتاب المظالم باب قول الله تعالى أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ رقم (٢٤٤١) ومسلم كتاب التوبة باب قبول توبة القاتل رقم (٢٧٦٨) وأحمد (٢ / ٧٤) والبغوي في «تفسيره» (١ / ٣١٢) وابن أبي شيبة (١٣ / ١٨٩).
(٢) انظر : السبعة ١٩٥ ، والكشف ١ / ٣٢٣ ، وحجة القراءات ١٥٢ ، والعنوان ٧٦ ، وإعراب القراءت ١ / ١٠٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٣٨ ، وشرح شعلة ٣٠٦ ، وإتحاف ١ / ٤٦١.
(٣) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٩٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٣٧٦ ، والدر المصون ١ / ٦٩٠.
(٤) البيت للنابغة الذبياني ينظر ديوانه ص ١٠٦ ، والكتاب ١ / ١٩٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٨٣ ، ٨٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٧٩ ، ٤ / ٤٣٤ ، والأغاني ١١ / ٢٦ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥١١ ، ٩ / ٣٦٣ ، وأسرار العربية ص ٢٠٠ ، ولسان العرب (حبب) ، (ذنب) ، والمقتضب ٢ / ١٧٩ ، والإنصاف ١ / ١٣٤ ، والاشتقاق ص ١٠٥ ، والأشباه والنظائر ٦ / ١١ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤٥٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٥٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٨٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٩١.