تمنعوا إماء الله مساجد الله» (١) وعلى آم ، قال الشّاعر : [مجزوء الكامل]
١٠٧٨ ـ تمشي بها ربد النّعا |
|
م تماشي الآم الزّوافر (٢) |
والأصل «أأمو» بهمزتين ، الأولى مفتوحة زائدة ، والثّانية ساكنة هي فاء الكلمة نحو : أكمة ، وأأكم ، فوقعت الواو طرفا مضموما ما قبلها في اسم معرب ولا نظير له ، فقلبت الواو ياء والضّمّة كسرة لتصحّ الياء ، فصار الاسم من قبيل المنقوص نحو : غاز وقاض ، ثمّ قلبت الهمزة الثّانية ألفا ، لسكونها بعد أخرى مفتوحة ، فتقول : جاء آم ، ومررت بآم ، ورأيت آميا ، تقدّر الضّمّة والكسرة وتظهر الفتحة ، ونظيره في هذا القلب مجموعا : «أدل» و «أجر» جمع «دلو» و «جرو» وهذا التّصريف الذي ذكرناه يردّ على أبي الهيثم قوله المتقدّم ، أعني كونه زعم أن آميا جمع أموة بسكون العين ، وأنّه قلب ، إذ لو كان كذلك لكان ينبغي أن يقال جاء آم ، ومررت بآم ، ورأيت آما ، وجاء الآم ومررت بالآم ، فتعرب بالحركات الظاهرة.
والتّفضيل في قوله : «خير من مشركة» : إمّا على سبيل الاعتقاد ، لا على سبيل الوجود ، وإمّا لأنّ نكاح المؤمنة يشتمل على منافع أخرويّة ، ونكاح المشركة الحرّة يشتمل على منافع دنيويّة ، هذا إذا التزمنا بأنّ «أفعل» لا بدّ أن يدلّ على زيادة ما ، وإلّا فلا حاجة إلى هذا التأويل ، كما هو مذهب الفرّاء وجماعة.
وقوله : «من مشركة» يحتمل أن يكون «مشركة» صفة لمحذوف مدلول عليه بمقابله ، أي : من حرّة مشركة ، أو مدلول عليه بلفظه ، أي : من أمة مشركة ، على حسب الخلاف في قوله : «ولأمة» هل المراد المملوكة للآدميين ، أو مطلق النّساء ، لأنهنّ ملك لله تعالى ؛ كما قال ـ عليهالسلام ـ «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». وكذلك الخلاف في قوله : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ).
وقال بعضهم ولأمة مؤمنة خير من حرّة مشركة (٣) ولا حاجة إلى هذا التقدير ، لأن اللّفظ مطلق. وأيضا فقوله : (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) يدلّ على صفة الحرّيّة ؛ لأنّ التّقدير : ولو أعجبتكم بحسنها ، أو مالها ، أو حرّيتها ، أو نسبها ، فكلّ ذلك داخل تحت قوله : (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ).
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٥٦٥) والدارمي (١ / ٢٩٣) وابن الجارود في «المنتقى» (١٦٩) والبيهقي (٣ / ١٣٢) وأحمد (٢ / ٤٣٨ ، ٤٧٥ ، ٥٢٨) من طرق عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.
وأخرجه أحمد (٦ / ٦٩ ـ ٧٠) من حديث عائشة وأخرجه أحمد (٥ / ١٩٢ ، ١٩٣) من حديث زيد بن خالد الجهني وأورده الهيثمي في «المجمع» (٢ / ٣٣) وقال : إسناده حسن.
(٢) البيت للكميت ينظر البحر ٢ / ١٦٥ ، اللسان : أما ، الدر المصون ١ / ٥٤١.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٥٢.