ذوي الألباب منهنّ» فقيل : ما نقصان دينهن؟ قال : «تمكث إحداهنّ الأيّام واللّيالي لا تصلّي» (١).
فهذا يدلّ على أنّ مدّة الحيض ما يقع عليه اسم الأيّام ، واللّيالي ، وأقلّها ثلاثة أيّام وأكثرها عشرة ؛ لأنّه لا يقال في الواحد ، والاثنين لفظ الأيّام ، ولا يقال في الزّائد على العشرة أيّام ؛ بل يقال أحد عشر يوما ، أما الثّلاثة إلى العشرة ، فيقال فيها أيّام.
وأيضا قوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ لفاطمة بنت أبي حبيش : «دعي الصّلاة أيّام أقرائك» (٢) فلفظ الأيّام مختصّ بالثّلاثة إلى العشرة.
وفي حديث أمّ سلمة في المرأة التي سألته أنّها تهرق الدّم فقال : «لتنظر عدد الأيّام ، واللّيالي الّتي كانت تحيض من الشّهر ، ثمّ لتغتسل ولتصلّ» (٣).
فإن قيل : لعلّ حيض تلك المرأة كان مقدّرا بذلك المقدار قلنا : إنّه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ ما سألها عن قدر حيضها ، بل حكم عليه بذلك الحكم مطلقا ، فدلّ هذا على أنّ الحيض مطلقا مقدّر بما ينطلق عليه لفظ الأيّام.
وأيضا قال في حديث عديّ بن ثابت : «المستحاضة تدع الصّلاة أيّام حيضها» (٤) وذلك عامّ في جميع النّساء.
الخامس : قال الجبّائي (٥) في «تفسيره» : إنّ فرض الصّيام والصّلاة لازم لعموم الأدلّة ، فعلى الوجوب ترك العمل بها في الثّلاثة إلى العشرة بالإجماع ، وما دون الثّلاثة وفوق العشرة حصل فيه اختلاف العلماء ، فأورث شبهة ، فلم نجعله حيضا ، فوجب بقاء التّكليف على أصله.
__________________
(١) أخرجه البخاري (١ / ١٣٧) كتاب الحيض باب : ترك الحائض الصوم (٣٠٤) و (٢ / ٢٤٢) كتاب الزكاة باب الزكاة على الأقارب رقم (١٤٦٢) ومسلم (١ / ٦١) عن أبي سعيد.
وأخرجه مسلم (١ / ٦١ ـ ٦٢) وأبو داود (٤٦٧٩) وأحمد ٢ / ٦٦ ـ ٦٧) من حديث ابن عمر.
وأخرجه مسلم (١ / ٦٢) والترمذي (٢ / ١٠٢) وأحمد (٢ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤) عن أبي هريرة.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (١ / ١٤٣) كتاب الحيض باب إقبال الحيض وإدباره رقم (٣٢٠) ومسلم (١ / ١٨٠) وأبو عوانة (١ / ٣١٩) وأبو داود (٢٨٢ ، ٢٨٣) والترمذي (١ / ٢١٧ ـ ٢١٩) والدارمي (١ / ١٩٨) وابن ماجه (٦٢٠ ، ٦٢١) والطحاوي (١ / ٦١ ـ ٦٢) والبيهقي (١ / ١١٦ ، ٣٢٣ ، ٣٣٠ ، ٣٤٣) وأحمد (٦ / ١٩٤) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه أبو داود (كتاب الطهارة باب ١٠٧) وابن ماجه (٦٢٥) والدارمي (١ / ٢٠٢) والبيهقي (١ / ١١٦ ، ٣٤٧) والطحاوي في «شرح المعاني» (١ / ١٠٢) وابن عدي في «الكامل» (٤ / ١٣٢٧).
(٥) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٥٨.