والله) أخرجه البخاريّ (١) ، ويروى عن عائشة : أيمان اللّغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة ، والحديث الّذي لا ينعقد عليه القلب (٢).
وقال آخرون : هو أن يحلف على شيء يرى أنّه صادق ، ثم تبيّن أنه خلاف ذلك ، وهو قول ابن عبّاس والحسن ، ومجاهد ، وسليمان بن يسار ، والزّهري ، والسّدّيّ ، وإبراهيم النّخعي ، وقتادة ، ومكحول ، وبه قال أبو حنيفة (٣).
وفائدة الخلاف : أنّ الشّافعيّ لا يوجب الكفّارة في قول الرجل : «لا والله» و «بلى والله» ، ويوجبها ، فيما إذا حلف على شيء يعتقد أنّه كان ، ثم بان أنّه لم يكن ، وأبو حنيفة يحكم بالضّدّ من ذلك.
وقال سعيد بن جبير : هو اليمين في المعصية ، لا يؤاخذه الله بالحنث فيها ، بل يحنث ويكفّر (٤).
وقال مسروق : ليس عليه كفّارة ، أنكفّر خطوات الشّيطان (٥)؟ وقال الشّعبيّ : الرّجل يحلف على المعصية كفّارته أن يتوب منها (٦) ، وكلّ يمين لا يحلّ لك أن تفي بها ، فليس فيها كفّارة ، ولو أمرته بالكفّارة ، لأمرته أن يتمّ على قوله.
هذا هو اللّغو ؛ لأن اللّغو هو المعصية ؛ قال تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ).
وقال عليّ : هو اليمين في الغضب ، وبه قال طاوس (٧).
وقال الضّحّاك : اللّغو هو اليمين المكفّرة (٨) ، سمّيت لغوا ، لأن الكفّارة أسقطت الإثم ؛ كأنه قيل : لا يؤاخذكم الله باللّغو في أيمانكم ، إذ كفّرتم.
وقال زيد بن أسلم : هو دعاء الرّجل على نفسه ؛ كقوله : «أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا ، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا» أو يقول : هو كافر إن فعل كذا (٩) ، فهذا كلّه لغو لا يؤاخذه الله به ، ولو آخذ الله به ، لعجّل لهم العقوبة ؛ قال تعالى : (وَيَدْعُ
__________________
(١) أخرجه البخاري (١١ / ٤٧٦) وأبو داود (٣ / ٣٠٤) رقم (٣٢٥٤) ومالك في الموطأ (٢ / ٤٧٧) والبيهقي (١٠ / ٤٨) والطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩) عن عائشة موقوفا.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٤٣) عن عائشة.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٦٦ ، وتفسير البغوي ١ / ٢٠١.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير كما في «الدر المنثور» (١ / ٤٧٩).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٣٤٢) عن مسروق.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٤١) عن الشعبي.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٣٣٨) عن طاووس.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٤٥) عن الضحاك.
(٩) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٥٤) عن زيد بن أسلم.