طبيعة الفطرة التي توحي بذلك ، لأن الحياة التي لا تحمي نفسها بالضوابط القانونية المتمثلة في التشريعات أو العادات والتقاليد ، سوف تهتز وتنعدم في مهاوي السقوط والهلاك ، ولهذا أمكننا القول إن الأصل هو حرمة الإنسان ، إلا ما قام الدليل الخاص على خلافه.
* * *
استثناءات واقعية
(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) جعل لها حرمة من خلال رسالاته ورسله (إِلَّا بِالْحَقِ) من جهة ما شرّعه من القصاص أو ما أباحه في حالة الدفاع عن النفس أو العرض أو المال أو المستضعفين ، أو ما رخص فيه أو ألزمه من الهجوم على الأعداء الذين يخاف منهم على حرية الناس وسلامة الحياة ، أو في مواجهة المفسدين في الأرض والمحاربين لله أو لرسوله ، أو في بعض الحدود الخاصة لدى حدوث بعض الأوضاع والجرائم ، ونحو ذلك. ولعل الأساس في ذلك كله ، هو إقامة نظام الحياة على أساس ثابت من الضوابط القانونية التي تحفظ السلامة العامة للحياة وللفكر وللإنسان.
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) بدون حق (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) يتجلى في تشريع القصاص عقابا للقاتل ، وسلّطنا وليه على قتله أو العفو عنه (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) فيقتل غير القاتل ، أو يقتل أكثر من شخص. (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) في ما جعله الله له من حقّ ، وما يحقّقه ذلك من سلطة ، وما يثيره من أوضاع وأجواء واقعية ، فلا يستعجل بالانتقام لقريبه من دون حقّ ، لأن الانتصار بالظلم الذي يأخذ البريء بجريرة المجرم ، لا يعتبر انتصارا ، بل الانتصار الحقيقيّ ، هو أن