تفاهة أدلة عقيدة الشريك
(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ) لأنهم لا يملكون أيّة أدلّة أو براهين على هذه العقيدة ، بل ينطلقون من انطباعات ساذجة ، متخلّفة ، ناشئة من الاستغراق في الجوانب البارزة للخصائص غير العادية أو غير المألوفة لهذه المخلوقات ، التي يمنحونها هذه الصفة من دون التفات إلى أن الله قد يمنح بعض عباده قدرات لا يمنحها لغيرهم ، لأن هناك دورا محدّدا يفرض ذلك ، أو لأن طبيعة الموقع الذي يتحرك فيه هذا المخلوق يتوقف على ذلك. فالله الذي أعطى القدرة المألوفة ، هو الذي يعطي القدرة غير المألوفة ، بالإضافة إلى أن الألفة لا تمنح الشيء الحالة الذاتية الطبيعية ، ليكون المقابل لها حالة خارقة خارجة عن الطبيعة ، فلو دققنا في عمق هذه الحالة أو تلك ، لرأينا سرّ الإبداع والعظمة مشتركا بينهما ، في نوعية الخصائص التي يتميز بها هذا عن ذاك ، ولكن الألفة تخفف عظمة الأشياء في الوجدان.
وهذا ما يفرض علينا ، وفي المنهج التربويّ للتصور ، عدم الاستغراق في الظواهر المثيرة أو إعطائها قداسة غير حقيقية ، من خلال مشاعر الانبهار التي يخضع فيها الإنسان لإحساس غير طبيعيّ في استيحاء العظمة الخارقة من بعض الظواهر ، لأن الجهل بعمق السرّ الحقيقي للحالة أو للظاهرة ، لا يعني أن نقفز إلى وضع التقديس لنجعله الوجه البارز للمسألة أو العمق الطبيعي لها ، من دون أساس للاستغراق في دائرة التهاويل الغامضة المسيطرة على الفكر والشعور.
* * *