حياتك ، ورأيت في المسؤولية عبئا ثقيلا على شهواتك وأطماعك ، فكفرت لا عن قناعة ، بل عن عقدة تتحرك من موقع نزوة.
(لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) فقد وعيت حقيقة الألوهية ، وأدركت حقيقة التوحيد من خلالها ، ورأيت أن التوحيد يتحرك في خط العقيدة بالإيمان بالإله الواحد ، وفي خط العمل بعبادة الله الواحد. وهكذا وقف ليدخل معه في الحديث عن العقيدة ، ليؤكد موقفه بقوة وصدق وحسم ... وامتد الحديث بعد ذلك إلى أجواء المال والولد.
أما كثرة المال وكثرة الولد ، التي تقابلها قلة المال وقلة الولد لدى هذا المؤمن ، فليست شيئا ، ما دام الله هو الذي يعطي ، وما دام المؤمن يشعر بالارتباط به ، فما المانع من أن يعطيه الله خيرا من جنته ، وما الذي يمنح الغني الأمان ، بأن لا يرسل الله على هذا كله حسبانا من السماء ، فتصبح الأرض مقفرة بعد اخضرار ، أو ظمأى بعد ارتواء.
* * *
الحياة خاضعة لمشيئة الله
(وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) فلم تستغرق في داخل ذاتك ، ولم تستسلم إلى قوتك وإلى الأسباب المحيطة بك ، بل عشت مع الله في شعور عميق بالحاجة المطلقة إليه في كل تفاصيل وجودك ، كما كنت محتاجا إليه في أصل وجودك ، فتعرف أن الحياة كلها خاضعة لمشيئته ، وأن كل قوة مستمدة من قوته ، وبذلك تنفتح على جنتك انفتاح الحذر الذي لا يعرف ماذا يحدث لها لأنه لا يعلم مشيئة الله فيها ، فلا يثق بما تحمله من أحلام ، لأن الغيب قد يحمل لها الكثير من الأوضاع التي قد تقلبها رأسا على عقب.
* * *