يخضعوها لإرادتك ، وأن يرتفعوا إليك بالطاعة ... (إِلَّا قَلِيلاً) منهم ، ممّن يرتفع إلى مستوى عقله ، ولا يخضع لنداء شهوته ، ولكنه يتوازن فيعطي للشهوة دورها في حركة الحياة في الجسد ، بما يلبي حاجته الطبيعية ، ويمنع عنها حريتها ، في ما يهدد حياتها وطهرها وصفاءها في آفاق الروح ، ويتحرك في اتجاه الدور الطبيعي المميز الذي خلقه الله من أجله ، وهو الخلافة في الأرض.
* * *
الإيحاء لإبليس باستعمال كل وسائل التضليل
(قالَ اذْهَبْ) وتصرّف بما يحلو لك ، مما قد تعتبره تنفيسا للعقدة ، وثأرا للكرامة ، وانسجاما مع كبرياء الذات ... ولكنه في الواقع مظهر الغرور ، يشعر صاحبه بالانتفاخ الذي لا يمثل شيئا من القوّة ، بل يمثل أعمق نوازع الضعف ، تماما كما هو الورم الذي يوحي بضخامة الجسد ، ولكنه يذهب كالهواء ... امض لشأنك وخذ حريتك. ولكن ما النتيجة ، وما العاقبة؟ فإن الأمور تعرف بنتائجها لا بمقدماتها. (فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ) وأطاعك ، وترك عقله ، وأطاع شهوته ، وعصى ربه ... (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) لا نقصان فيه.
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) أي استخفّه حتى يستثيره نداؤك ليسعى إليك ، وذلك بإثارة عناصر الإغراء والإغواء والتزيين والتحسين أمامه (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) الجلبة ـ الصياح الذي يصدر عن صاحب الخيل والرجال من خلفه ، ليحثه على السبق واللحاق به ، والرجل جمع رجل ... وهو وارد على سبيل الكناية والتمثيل ، مثّل حاله في تسلّطه على من يغويه بمغوار أوقع على قوم ، فصوّت بهم صوتا يستفزهم من أماكنهم ويقلقهم عن مراكزهم ، وأجلب عليهم بجنده من خيّالة ورجّالة ، حتى استأصلهم ـ كما ورد