العبرة من القصة
وهكذا تنتهي قصة ذي القرنين ، مع إيحاءاتها الروحية ، ولمساتها الإيمانية ، لنواجه في شخصيته صفات الإنسان المؤمن ، الذي أخذ بكل أسباب القوة ، وطاف بالبلاد طولا وعرضا ، ولكنه لم ينطلق بقوته ليظلم الناس ، أو ليستعلي عليهم ، أو ليفسد حياتهم ، بل انطلق من أجل مسانده الضعفاء ، وتأكيد الخط الإيماني ، بما يجعل الحياة في قبضة الحكم العادل الذي يجازي المسيء على إساءته ، ويثيب المحسن على إحسانه ، ويقف ـ بعد ذلك ـ أمام الله ليشهده على اعترافه بعبوديته له ، وبحاجته إليه ، وبشعوره بأن كل ما يفعله ويقوم به هو رحمة من الله عليه. وذلك هو النموذج الأمثل الذي يريد الله أن يقدمه للإنسانية ، ليعيش الإنسان معه في عملية اهتداء واقتداء في مواجهة الذين يعيشون القوة بعيدا عن مواقع المسؤولية ، فيفسدون حياة البلاد والعباد ، ويبتعدون عن الله في كل أقوالهم وأعمالهم ، فيستحقون بذلك النار وبئس القرار.
* * *