يعرف كيف يستمعون إليه بروحية الناس الذين ينظرون إليه بحقد واستهزاء ، ويواجهون كلماته بإهمال وكيد.
* * *
دأب الخصوم على تشوية صورة الدعاة
(وَإِذْ هُمْ نَجْوى) يتناجون في ما بينهم ، كيف يمنعونه من إبلاغ رسالته ، وكيف يحولون بين الناس وبينه؟ وما الكلمة التي يقولونها للناس كعنوان لشخصيته التي لا يريدون لها أن تظهر في موقع الرسالة ، بل في موقع آخر يحتقره الناس ولا يحترمونه؟
(إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ) من هؤلاء المشركين ، الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك ، وظلموا الرسول وصحبه بالتعسّف والإيذاء والتآمر عليهم وعلى الرسالة ، عند ما يحدّثون الناس الذين اتبعوا الرسالة وآمنوا بالرسول ، ليخذلوهم عنه.
(إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) خاضعا لأساليب السحر التي أثّرت على عقله وسلوكه وطريقته في الحديث مع الناس. وهذا هو دأب كل خصوم الرسالات الحقّة الّذين يثيرون أمامها الكلمات التي تشوّه صورة الدعاة والرسل ، بما يحول بينهم وبين الناس نفسيّا أو عقليا ، في عملية إيحائيّة بأنهم ليسوا في مستوى القيادة الفكرية أو العملية ، وذلك لما يكمن في شخصياتهم من خصائص سلبيّة ، انطلاقا من حالة مرضيّة أو عقليّة. وهكذا كانت تهمة السحر من التهم الكثيرة التي وجهت للأنبياء ، بين كلمة تصفه بالساحر ، لتجعل تأثيره في الناس منطلقا من السّحر لا من الفكر المقنع ، وبين كلمة تصفه بالمسحور ، لتوحي بأنه لا يتحدث من موقع عقليّ هادئ ، بل من موقع