والمشاريع والعلاقات والخلفيات النفسية لذلك كله ، فلا مجال للباطل في شخصية الإنسان المسلم الذي يعتبر القرآن دستورا له ، وعنوانا لحركته في الحياة ، مما يفرض العمل على التوازن في التخطيط التربوي على صعيد صنع الشخصية الإنسانية.
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) لتبلّغ الناس كيف تكون البشارة بالجنة للعاملين في خط الطاعة لله ، وكيف يكون الإنذار بالنار للسائرين في خط معصيته ، وليس لك أن تغيّر أو تبدّل ما أرسلت به من كتاب.
* * *
المغزى من إنزال القرآن تدريجيا
(وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) أي فصلناه ، ونزلناه آية آية وسورة سورة ... (لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ) أي على مهل وتؤدة ، ليتفهموا الفكرة بشكل تدريجيّ عند ما ينزل القرآن ليرسم الخطوط العامة ويحرّك التفاصيل من خلالها في نطاق المشكلة الطارئة التي تعتبر كنموذج لمشاكل مماثلة ، أو في نطاق السؤال الذي يلتقي بأكثر من علامة استفهام مماثلة ، أو ليشجّع حركة في آفاق الجهاد ، أو ليقوّي ضعفا في ساحات الصراع ، أو ليثير جوّا نفسيا معينا في مجالات التحدي ، أو ليؤكد موقفا أو يثبته في حالات الاهتزاز ، أو ليعالج قضية بارزة من قضايا الفكر ، أو ليفسح المجال لتشريعات متنوّعة في حركة الواقع الإنساني ، أو ليضع المنهج للفكر والأسلوب والحركة ... وهكذا أراد الله للقرآن أن ينزل ليرافق حركة الرسالة في خط الدعوة والجهاد ، ليواكب كل مراحلها ، وليسدّد خطواتها ، ويحلّ لها المشاكل المتحركة على أكثر من صعيد ، على مستوى النظرية والتطبيق ... ليوحي بالحركة ـ النموذج ، إلى جانب الفكرة ـ الخط ، مما يجعله يمثل حركيّة الإسلام في امتداد التجربة ،