العبد الصالح هو الخضر
والتقيا بهذا العبد الصالح ، الذي لم يرد له ذكر في القرآن إلا في هذه القصة. وتتحدث الروايات عنه أنه الخضر ، وفي حديث أئمة أهل البيت عليهمالسلام في ما رواه محمد بن عمارة عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام «أن الخضر كان نبيا مرسلا ، بعثه الله تبارك وتعالى إلى قومه ، فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه» (١) ... وقد تذكر بعض الأحاديث أنه حيّ لم يمت بعد ، وليس هناك دليل قطعي يثبت ذلك ، كما أنه ليس هناك دليل عقليّ يمنع من ذلك من خلال قدرة الله المطلقة على ذلك وعلى أكثر منه.
ولا نجد هناك كبير فائدة في تحقيق الأمر في شخصيته وفي خصوصيته ، لأن ذلك لا يتصل بأيّ جانب في العقيدة والحياة. (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) ربما كانت هي النبوّة ، وربما كانت شيئا آخر مما يرحم به عباده ، ويختص بعضهم بميزة خاصة في موقعه وفي ملكاته. (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) مما لم يؤته الله لغيره من عمق الإحاطة بخفايا الأمور وتأويل الأشياء ، وهذا ما كان الآخرون ـ ومنهم موسى النبيعليهالسلام ـ بحاجة إلى الاطلاع عليه ، مما أراده الله أن يسعى إليه في اللقاء بهذا العالم الصالح.
(قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) لأسترشد به في مهمّاتي التي كلفني الله بها ، لأنني بحاجة إلى الاستزادة من العلم ، باتباع الذين يملكون ما لا أملكه منه.
* * *
__________________
(١) البحار ، م : ٥ ، ج : ١٣ ، ص : ٤٣٥ ، باب : ١٠ ، رواية : ٤.