في الكشاف (١). وبهذا كانت الفكرة إيحاء للشيطان بأن يستعمل كل وسائله وإمكاناته وقواه في سبيل الإضلال (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) وذلك بتوجيههم إلى الوسائل غير الشرعية في اكتساب المال كالقمار والربا والسرقة والغصب ، أو في إنفاقه في الموارد المحرّمة ، أو بتوجيههم إلى الوسائل غير الشرعية في إنجاب الأولاد عن طريق الزنى ، أو في التربي على غير النهج الشرعي ـ إذا كانت ولادته شرعية ـ أو ما شاكل ذلك ... الأمر الذي يجعل المال والولد شركة بين الشيطان وبين صاحبه ، من خلال علاقته المحرّمة به ، بالإضافة إلى النسبة الذاتية التي تنتسب فيها الأشياء إلى أصحابها ، والأولاد إلى آبائهم.
(وَعِدْهُمْ) بكل المواعيد الكاذبة التي تثير فيها أمامهم أحلام المستقبل الذهبية ، التي تترتّب على معصيتهم لله وانحرافهم عن خطه المستقيم ، وتؤدي بهم إلى الاستسلام إلى أماني المغفرة والرحمة والشفاعة ، ونحو ذلك مما يخضع ـ في طبيعته ـ إلى شروط معينة. (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) فليس له حقيقة في الفكرة ولا في الواقع ، بل هو صورة في الخيال ، وحركة في الوهم والحس والشعور ، لأنه يظهر الباطل في صورة الحق ، والخطأ في مظهر الصواب ، والانحراف في خيال الاستقامة.
* * *
نجاح الشيطان مع المستسلمين له
افعل كل ذلك ، واستنفد كل طاقتك ، واصرخ بأعلى صوتك ، فسوف لن يستمع إليك ولن يتبعك إلا الضعفاء في عقولهم وإراداتهم ، الذين لا يعيشون في الآفاق الرحبة من معرفة الله ، ولا يتحركون في مواقع المسؤولية ، بل
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٢ ، ص : ٤٥٦.