حركته ، أو يتعاطفون معه. إنه المجتمع الذي يخلص أفراده لله في الفكر والروح والممارسة ، لأنه هو الذي يعطي لهم النمو الروحي من خلال الأجواء الروحية ، ويحقق لهم الشعور بالثقة والثبات في الموقف من خلال القوة التي يعيشها المؤمنون ويمارسونها في داخله ، وبذلك يكون المجتمع قوة لهم كما يكونون قوة له ، من خلال ما يعطونه من فكر أو يثيرونه في داخله من مشاعر وأجواء وقضايا.
(وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لا تصرف عيناك عنهم فتتركهم إلى مواقع الغنى والثروة والجاه والأجواء اللاهية العابثة التي تنادي الإنسان ليلهو ويعبث ويستمتع ويتزيّن ويستسلم للشهوات ويستريح للمواقع الطبقية التي يعيشها مجتمع الامتيازات الذي يتفاضل فيه الناس بالمال والجاه والنسب ونحو ذلك ، فإن الاتجاه إلى هذا المجتمع ، والاستسلام له ، يمثل لونا من ألوان البعد عن روح الرسالة ، والانحراف عن خط الله ، ويؤدي ـ بالنهاية ـ إلى احتقار المجتمع الفقير المؤمن ، والضيق به ، والنفور منه ، الأمر الذي قد يساهم في إضعاف الروح الرسالية لدى الرساليين ، وفي الإقبال على الأجواء اللاهية المثيرة التي تربط الإنسان بالجانب المنحرف من الحياة ، على أساس القيم المنحرفة التي يلتزمها مجتمع الله والعبث.
* * *
روحيّة مستكبرة
(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) من هؤلاء الذين استسلموا للغفلة في حركة وجدانهم الفكري والروحي ، فلم ينفتحوا على الله من موقع الفكر والروح ، ولم يصغوا بأسماع قلوبهم إلى آياته ، ولم يلتفتوا إلى مواقع قدرته وأسرار عظمته ، وعاشوا أجواء اللامبالاة أمام كل دعوات الحق والإيمان ، واستراحوا لما اعتادوه من أوضاع وعادات وتقاليد ، ولما حملوه من أفكار