يتحدد بكلمات معينة ، فله أن يختار ما يشاء منها والطريقة أو اللغة التي يدعو بها. إنه يمثل الانفتاح الحرّ المطلق على الله في كل همومه وتطلّعاته ، سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، وهذا ما يعبّر عن الحاجة المطلقة إلى الله ، واللجوء إليه في كل شيء ، والشعور العميق بالحضور الدائم معه ، في جميع خصوصياته ، من أصغر شيء إلى أكبره ، والانفتاح على الأمل الكبير في الحياة ، الذي يشعر معه أنه لا مجال لليأس في كل موقع من مواقعها ما دام الأمر مرتبطا بقدرة الله التي لا يثقلها أو يعجزها شيء ، فكل الموانع تتساقط أمامه ، وكل الحواجز تتكسر عنده ، لأنه القادر على كل شيء ، والمهيمن على كل وجود.
وقد أراد الله للإنسان أن لا يقتصر في الدعاء على حاجاته المادية المتصلة بالجانب الحسي من حياته ، لئلا تكون اهتماماته العامة والخاصة في حديثه مع الله محصورة في هذه الدائرة المادية ، فينعكس ذلك سلبا على تصوّره للأشياء ، من خلال ما يوحي به الدعاء من حالة ثقافية ، تنفتح فيها الآفاق على كل الجوانب المهمّة في الحياة ، التي تنمّي في الإنسان الشخصية المتوازنة في نظرتها إلى العنصر المادي والروحي معا ، وفق الطريقة التي خلق الله الحياة عليها. وفي ضوء ذلك ، جاء القرآن ليقدّم بعض النماذج المتصلة بالجانب العملي المتحرك في الحياة ، في الخط الذي يسير عليه ، والأفق الذي يتطلع نحوه ـ كما نرى ذلك في الآية التالية ـ ليلجأ إلى الله في تحديد الخطوط التي تحكم الجانب العملي الحركي الرسالي ، كما ليلجأ إليه في تحديد الدوائر التي تتحرك فيها حاجاته المادية.
* * *
دعوة لطلب الصدق في جميع المواقع
(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) إنه الصدق الذي يحكم الاهتمامات الروحية