موسى عليهالسلام في ما كان يعيشه من آفاق الرسالات في أجواء المسجد الأقصى ، وهذا ما جعل المناسبة ممّا يلتقي فيها الحديث عن الإسراء بالحديث عن موسى وكتابه وشعبه.
* * *
موسى هدى لبني إسرائيل
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) وهو التوراة التي أنزلها الله عليه ليبلغها للناس ، وليدفعهم إلى السير على هداها من خلال ما تشتمل عليه من أسس العقيدة ، ومفاهيم الحياة ، وتفاصيل الشريعة ، وربما كان التعبير بالكتاب ـ كما يذكر صاحب الميزان ـ للإيحاء بالمعنى الذي قد يطلق عليه في كلامه تعالى ، وهو «مجموع الشرائع المكتوبة على الناس ، القاضية بينهم في ما اختلفوا فيه من الاعتقاد والعمل ، ففيه دلالة على اشتماله على الوظائف الاعتقادية والعملية التي عليهم أن يأخذوها ويتلبّسوا بها» (١).
ولكننا لا نعتقد أن مثل هذا الإطلاق ، يصل بالتعبير إلى مستوى المصطلح الذي يختزن خصوصية المعنى في داخله ، بل قد يكون مجرد تعبير عادي ، في ما تعنيه الكلمة من الوحي الذي جمعه الله في كتاب يقرأه الناس ويكتبونه ، وليس وحيا يعونه ويسمعونه فقط. والله العالم.
(وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) لينفتحوا ـ من خلاله ـ على آفاق المعرفة ، ويتخلصوا من كهوف الجهل وظلماته ، ولينطلقوا إلى ساحة الحرية بعد أن عاشوا أجواء الاستعباد ، وليعبدوا الله وحده ، ويبتعدوا عن عبادة مخلوقاته كما أراد لهم الشيطان ، ويسلكوا سبيل الهدى في ما يتحركون نحوه من أهداف وغايات ، وما يتخذونه من وسائل ، ومقدّمات وما يمارسونه من أفعال ، وما
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ٣٥.