ما توحي به كلمة الإحاطة من الانفتاح على الأشياء المستقبلية ، المتصلة بحركة الإسلام في المستقبل في ما يريد الله أن يعرّف به رسوله ، بما ينتظر دينه من تطورات على صعيد التطبيق في حركة الواقع. كما أن مفهوم الفتنة يلتقي بالواقع المنحرف الذي يقود إلى الارتباك ، أكثر مما يلتقي بما يختلف الناس حوله من الأخبار.
ومن الأمور التي تؤكد هذا التفسير ، التقاء روايات أئمة أهل البيت عليهمالسلام الذين هم الحجة في تفسير القرآن ، بروايات غيرهم من أهل السنة ، وانسجامه مع حركة الآية في تحذير الناس من الانحراف عن خط الله ، من خلال الواقع المنحرف الذي يقودهم إلى الهلاك.
* * *
حكمة إلهيّة
(وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) فاطّلع على كل ما يحدث لهم في الحاضر والمستقبل ، وأراد لك أن تطلع على كثير مما يخفى عنك مما يتّصل بحركتك في خط الرسالة وحركتها في مواجهة أحداث المستقبل. (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) ، كسبيل من سبل تعريفك بما قد يحدث لك ولأمتك ، (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) وذلك لما يمكن أن تثيره فيهم من اهتزاز وارتباك ، (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) من هؤلاء الذين يتحركون ، ليقودوا خط الضلال والانحراف بعيدا عن خط الإسلام والاستقامة ، أو هذه الشجرة التي تحدث عنها القرآن ، فأثارت كثيرا من الجدال الناشئ عن عدم الفهم (وَنُخَوِّفُهُمْ) بما يثيره فيهم الحذر الذي يوجههم نحو الخير. (فَما يَزِيدُهُمْ) ذلك (إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) أي ظلمنا وعدوانا من خلال أجواء الغفلة واللامبالاة التي تقودهم إلى الاستخفاف بكل حالات الإنذار والتخويف ؛ والله العالم.
* * *