تنظيم النسل والظروف الطارئة
وقد نستوحي من ذلك رفض الإسلام للروحية التي تدفع بعض الناس إلى تحديد النسل ، بالامتناع عن إنجاب الأولاد ببعض الوسائل المانعة من ذلك ، كالعزل ونحوه ، وذلك بتأثير الخوف من أعباء الحياة التي قد تثقل الآباء ، وتقودهم إلى الفاقة ، وتحمّلهم الجهد والعناء ، فقد لا يكون ما يقومون به خطيئة لأنه لا يتضمن قتلا للحياة ، بل يتضمّن منعا لها من أن تتحقق. ولكن الفكرة التي تدفع إلى ذلك ، لا تتفق مع خط الإيمان بالله والثقة به والتوكّل عليه في ما يرجع فيه الأمر إليه ، لكن هذا الفهم لا يعني إغلاقا لمبدأ تنظيم النسل على أساس بعض المبررات الصحية والتربوية والاجتماعية ، لأن الاجتهادات الإنسانية لا تمنعه ، مع مراعاة بعض التحفظات في بعض الوسائل ، كالإجهاض والتعقيم ، بل كل ما نريده ، هو العمل على التوفيق بين الخط الإيماني للإسلام ، في وعي الإنسان المسلم ، وبين الجانب الشعوري الذي يحرك الجانب العملي له ليتوازن الإحساس مع الفكر والإيمان.
وقد نستوحي من ذلك أن الله قد أودع في الأرض الثروات التي تكفي الإنسان في حاجاته الطبيعية ، وهيّأ له الوسائل التي يتمكن من خلالها تحريك هذه الثروات لتوفير تلك الحاجات ، كما أوجد الأوضاع الكونية والاجتماعية التي تحقق التوازن في عدد أفراد الإنسان ، بالمستوى الذي لا تتحول فيه الكثرة إلى حالة جنونيّة تحوّل الحياة إلى مشكلة لا تطاق.
ولكن الإنسان قد يتصرف في مثل هذه الأمور بطريقة سيئة ، في الانتاج والتوزيع ، وفي إدارة شؤون الحياة ، مما يؤدي إلى إهدار كثير من الطاقات وصرفها في غير مصلحة الناس ، كما نلاحظه في الأموال التي تصرف على