فكرة الشريك ليست واقعية
(قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) وهذه حجة وجدانية على نفي الشريك ، فإن الشركة في الألوهية تعني قدرة الشريك على مواجهة شريكه ، وذلك لما يملكه من أسباب القدرة التي تفرضها طبيعة الصفة الإلهية في ذاته ، وذلك من خلال حب السلطة والتوسع والعلو الذي يدفعه إلى تأكيد عظمته واندفاعه للوصول إلى مقام ذي العرش والدخول معه في صراع عنيف ، ولكن ذلك غير ثابت ، ولو حدث مثل ذلك ، لظهر في الكون من خلال ما ينتجه من مظاهر الصراع أو الغلبة وتغيّر الحياة في نظامها إلى نظام آخر ، ولكن الحياة لا تزال في طبيعتها لم يتغير شيء في قوانينها ، ولم تحدث لها أيّة مشكلة ، مما يعني أن فكرة الشرك ليست واقعية ، ولا تخضع لأي أساس ثابت. ولعل مساق هذه الآية هو مساق قوله تعالى : (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) [المؤمنون : ٩١] ولا يبعد أن يكون فيها بعض التلميح إلى الآية الكريمة (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] وذلك من خلال ما توحي به من الفكرة في ما تدل عليه من بطلان وصولهم إلى ذي العرش ، الذي لا يمكن لنا أن نكتشفه إلّا من خلال استتباعه للنتائج السيئة التي يفرضها واقع الصراع على السلطة ، وهذا ما لا نجد له أثرا على صعيد الكون كله.
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) فهذه الكلمات التي يطلقها هؤلاء في نسبة الشريك إليه لا تنسجم مع عظمته التي لا يقترب منها شيء ، وقدرته التي لا يحدّها شيء ، وربوبيته المهيمنة على كل شيء ، لأنه خالق كل شيء ورازقه ، مما يجعل من أي كلام من هذا النوع إساءة لمقام جلاله وقدسه ، وهو المنزّه المتعالي عن كل ما يقولونه ، لأنه في المقام الأسمى الذي لا يعلو عليه