حصول ما في الغد متعلّق بمشيئة الله
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) فإن ذلك هو الذي يضع الأشياء في مواقعها الطبيعية من حركة السنن الكونية في مسيرة الإنسان الذي يمتلك قدرة محدودة في ما يتصل بوجود الأشياء ، ولكن هناك عناصر أخرى للسببيّة كامنة في الزمان والمكان والأشخاص الآخرين ، لا يملك الإنسان معرفتها لفقدان الأدوات التي تقوده إلى ذلك ، كما لا يملك السيطرة عليها لأنها لا تتصل باختياره. ولكن الله يعلم الغيب كله ، ويحيط بالمستقبل كله من خلال إحاطته بالحياة كلها ، فهو الذي يملك منها ما لا يملكه أحد ، ويهيمن على حركتها بما لا يهيمن عليها أحد ، ولذلك كان تعليق الفعل بمشيئته انسجاما مع الطبيعة الواقعية للقدرات المحدودة لدى الإنسان ، ومع العقيدة الإيمانية بقدرة الله المطلقة.
وقد نستطيع توضيح المسألة في طبيعة العمل الإنساني المستقبلي من خلال حركته في الحاضر ، بدراسة الموضوع في نطاقه الواقعي في الحياة ، بعيدا عن مسألة الإيمان وعدمه ، فإن الذين يفكرون ماديا ، لا يمانعون من إمكانية حدوث ظروف موضوعية ومتغيرات مستقبلية ، لم تكن موجودة في الخطة الواقعية السابقة للمشروع المستقبلي عند التخطيط له ، كما لا يستبعدون عدم الاطلاع في الحاضر على بعض الزّوايا الخفية المتصلة ببعض جوانب المشروع ، لأن القائمين على أيّ مشروع فرديّ أو جماعيّ ، لا يملكون الإحاطة بالواقع كله وبالزمن كله ، الأمر الذي يفرض تعليق النتائج الحاسمة على عدم حدوث متغيرات مانعة ، أو عدم انكشاف جوانب مضادّة.
وبذلك نعرف أن التعليق على مشيئة الله لا يمثل حالة اهتزاز في ثبات