الضعف الذي يحيط بشخصه وبالساحة أمام قوة هؤلاء ، وعن أشياء كثيرة قد تطوف في نفسه وتضغط على وجدانه ... (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) والمراد به القرآن الذي أنزله الله عليه ، فتمتلئ روحه بالأسى والأسف لأنهم لم يستجيبوا لدعوة الإيمان به.
* * *
حسرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مظهر لكماله الإنساني
ونتساءل : هل هذا تعبير عن حالة حقيقية في مشاعر النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهل يتناسب الوضع الشعوري مع العصمة لديه؟ ونجيب بأن هذه المشاعر لا تمثل حالة نقص ، بل نجد فيها حالة كمال إنسانيّ ، ذلك أنها تصدر عن حسّ إنسانيّ رهيف ناتج عن الشعور بالمسؤولية أمام الآخرين أيّا كانوا ، فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعي نفسه رسولا للعالمين ، وبالتالي منقذا لهم ، ولهذا فبقدر ما يجد نفسه معنيّا بالذين يتبعونه ، يجد نفسه معنيّا بالذين لم يتبعوه أمثال الجاحدين والكافرين ، لأن هؤلاء بحكم ما هم عليه ، يستحقون الإشفاق أكثر من غيرهم ، لأنهم سيسقطون في مهالك الكفر والطغيان لا محالة ، فليست هناك عقدة ذاتية ، بل هي حالة إنسانية رسالية ، في المستوى الرفيع لروحية الإنسان تجاه الآخرين.
ثم ما الذي يمنع الرسول من الخضوع للحالات البشرية التي يعيشها كل الناس في مواقع الضعف البشري ، تماما ، كما يمرض ويتألم ويموت ، لأن المشكلة فيه ليست هي نقاط الضعف الذاتية ، بل المشكلة هي تأثيرها على مستوى الشخصية الرسالية في حركته في الحياة ، في آفاق الوجدان أو الواقع. ولا مانع من أن يتأثر الإنسان ـ الرسول ، كما يتأثر غيره ، بجحود الآخرين