إشكالات أمام النقاش
والظاهر أن الآية ليست بصدد الحديث عن دعائهم ، ليروا هل يستجيبون أو لا يستجيبون لهم؟ ليلتقوا بالجانب السلبيّ من ذلك ، فيعرفوا بأنهم ليسوا في مستوى الألوهية الذي يجعلهم شركاء لله ـ سبحانه ـ ليثير البعض في ذلك إشكالا ، وهو أن الناس قد يسألون الله ، فلا يستجيب لهم لأنه لا مصلحة لهم في ذلك ، أو لأن هناك مفسدة ، أو لأن هناك بعض الموانع التي تمنع من تنفيذ ذلك ... فكيف يمكن أن يكون ذلك دليلا على نفي ألوهيتهم؟؟
وقد أجاب البعض عن ذلك ، بأن «الله سبحانه إذا انقطع العبد عن كل شيء ، ودعاه عن قلب فارغ سليم ، يستجيب له ، وأن غيره إذا انقطع داعيه عن الله وسأله مخلصا ، فإنه لا يملك الاستجابة.
ويتابع الجواب فيقول : وعلى هذا ، فلا محل للمعارضة من قبل المشركين ، فإنهم لا يستجاب لهم إذا دعوا آلهتهم ، وهم ، أنفسهم ، يرون أنهم إذا مسهم الضر في البحر ، وانقطعوا إلى الله ، وسألوه النجاة ، نجّاهم إلى البر ، وهم معترفون بذلك. ولئن دعاه المسلمون على هذا النمط عن جدّ في الدعاء وانقطاع إليه ، كان حالهم في البر حال غيرهم وهم في البحر ، ولم يخيّبوا ولا ردّوا.
ولم يقابل الله سبحانه في كلامه بين دعائهم لآلهتهم ودعاء المسلمين لإلههم ، حتى يعارض باشتراك الدعاءين في الرد وعدم الاستجابة ، وإنما قابل بين دعاء المشركين لآلهتهم وبين دعائهم أنفسهم له ـ سبحانه ـ في البحر عند انقطاع الأسباب وضلال كل مدعوّ من دون الله» (١).
إننا نلاحظ على ذلك ، أن الآية واردة على سبيل الكناية ، لإظهار
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ١٢٦ ـ ١٢٧.