فلما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال لقريش : إن الله ـ جل جلاله ـ قد أسرى بي إلى بيت المقدس ، وأراني آثار الأنبياء ومنازلهم ، وإني مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلّوا بعيرا لهم ، فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك. فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه كم الأساطين فيها والقناديل؟ فقالوا : يا محمد ، إن ها هنا من قد دخل بيت المقدس ، فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه؟ فجاء جبرائيل ، فعلّق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه ، فلما أخبرهم قالوا : حتى يجيء العير ونسألهم عما قلت. فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : تصديق ذلك أن العير يطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق.
فلما كان من الغد ، أقبلوا ينظرون إلى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة. فبينما هم كذلك ، إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص ، يقدمها جمل أورق ، فسألوهم عما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : لقد كان هذا ، ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا ووضعنا ماء فأصبحنا وقد أهرق الماء ، فلم يزدهم ذلك إلا عتوّا (١).
* * *
الخلاف في كيفية الإسراء
وقد تباينت الآراء حول كيفية إسرائه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقيل : كان إسراؤه بروحه وجسده من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ، ثم منه إلى السّموات ، وعليه الأكثر. وقيل : كان بروحه وجسده من مكة إلى بيت المقدس ، ثم بروحه من
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات : ط : ١ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ١٣ ، ص : ١٦ ـ ١٧.