الموقع المتقدم الذي يملكونه.
* * *
التقوى أساس في التفاضل
ولكن المسألة ـ في هذا الجو ـ ليست مسألة مجلس لهؤلاء أو مجلس لأولئك ، ليكون ذلك أساسا لحل المشكلة التي أثارها الأشراف المترفون ، بل هي مسألة القيمة الإسلامية الروحية التي أرادها الله للمجتمع في دائرة العلاقات الإنسانية ، وهي المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات في ساحة القانون ، واعتبار التقوى التي تمثل الإيمان العملي هي الأساس في التفاضل ، بعيدا عن أيّ موقع طبقي أو ماليّ أو اجتماعي ، أو غير ذلك ... فإن الاستجابة لهؤلاء تعني الإقرار لهم بالنظرة الفوقية التي ينظرون بها إلى المؤمنين الفقراء ، واعتبار الامتيازات التي يدّعونها لأنفسهم حقا شرعيا لهم على الآخرين ، مما يؤدي إلى التنازل عن حركة القيمة الروحية الإنسانية في حياة الناس ، وهذا ما لا يمكن الموافقة عليه ، ولهذا كان جوّ الآية ، يوحي بالرفض لهؤلاء الأشراف ، والإهمال لهم والبعد عنهم في مواجهة رفضهم للمساواة مع المستضعفين المؤمنين ، تأكيدا على أن قيمة الإيمان المنفتح على الله من موقع الإخلاص هي أعلى من كل قيمة أخرى ، وعلى أن مهمة الرسول ، أو الداعية ، أن يلتزم خط المخلصين من المؤمنين ويرعاهم ، لأنهم الأساس في انطلاقة المجتمع الإسلامي نحو التوازن والتكامل على خط الإسلام ، لأن الإيمان يمثل ـ في وجدانهم ـ القناعة الفكرية والروحية التي يعيشون الحياة من أجلها ، بينما يمثل الإيمان ـ للمترفين ـ الموقع الاجتماعي القويّ الذي فرض نفسه على الساحة ، ويريدون أن يتخذوا لأنفسهم مكانا داخله ، ليضيفوا على امتيازاتهم القديمة امتيازات جديدة ، من خلال ما يمثله الإسلام من مركز قوّة جديد ، ولهذا فهم يتعاملون معه من مواقع الخارج عن عمق الذات ، بينما يتعامل المؤمنون