جزاء الكافرين
(مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) فذلك جزاء الذين يرفضون الحق بعد قيام الحجة عليهم من الله ، وذلك هو مثواهم في عذاب مستمر ، (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) فتصاعد اللهب من جديد ، وزادهم ذلك احتراقا على احتراق ، وعذابا على عذاب ... (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا) من مواقع التمرد لا من مواقع الشبهة ، فلا عذر لهم في ذلك أمام الله. (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) في منطق لا يرتكز على فكر دقيق ، بل يتحرك من موقع الاستبعاد القائم على أساس النظرة السّطحيّة إلى الأشياء ، ولو فكروا جيدا ، لوصلوا إلى النتيجة الحاسمة التي تفتح عقولهم وأبصارهم على آفاق قدرة الله.
(* أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وهم يؤمنون بذلك ، ولا يرفضونه ، لأن الذين ينكرون المعاد لا ينكرون وجود الله وخلقه للكون ، بل كل ما هناك أنهم يستبعدون خلق الإنسان من جديد ، فكيف يستبعدون ذلك ، ويغفلون عن أن الله الذي خلق هذه المخلوقات العظيمة ، التي هي أعظم من خلق الإنسان (قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) ، ويحدد لهم نظاما في مسألة الحياة والموت؟!
وفي هذه الإشارة إيحاء بأن على الإنسان أن يدخل دائما في عملية مقارنة بين الأشياء ، في ما لم يألفه من الأفكار التي لا يجد لها تجسيدا في الواقع ، مما يقع في دائرة الغيب ، فيحاول أن يدرس أمثاله ممّا هو مألوف له ، ليتعرف إمكان ذلك من إمكان هذا ، لئلا يحبس أفكاره في دائرة المألوف ، فيمنعه ذلك من الإيمان بالحقائق الثابتة عقليا في دائرة الغيب.
* * *