الأكثرية في النظرة القرآنية
وتلك هي فكرة القرآن عن الأكثرية في المجتمع ، في حديثه المتكرر عن انحرافها عن خط الاستقامة في العقيدة والعمل ، لأنها تتحرك في مجرى التيار الانفعالي الذي ينطلق من تأثير الغريزة ، ومن التعاطي السطحي الذي يغري بالسهولة في مواجهة القضايا الحيوية في حركة الإنسان في الفكر والواقع ، ومن عمق العلاقة بالمنفعة المادية في ما يواجهه من سلوك وتطلّع ، مما يجعلها تستسلم لكثير من النوازع والمشاعر الذاتية الملتهبة المثيرة ، فتسقط في مواقع الانحراف ، بينما تظل الأقلية من الناس ، في مواقع الفكر المنفتح العميق الذي يصبر على مشاكل الفكر ، لتتابع من خلال ذلك الوصول إلى الحلول الملائمة ، كما تبقى في مواقف الإرادة القوية الصلبة التي تتحدى النوازع الذاتية لتنظّم حركتها داخل النفس والحياة ، وتواجه العوامل الخارجية القوية التي تريد أن تهزم في الإنسان قوّة الاندفاع للوقوف مع الرسالة والمبدأ ... وتثبت كذلك في مواقع الحرية والعدالة.
وليس معنى ذلك ، أن هذا هو قضاء الأكثرية وقدرها الذي لا يمكن لها أن تتجاوزه ، بل هو أمر واقع ناشئ من عوامل خارجية وظروف طارئة ، من خلال عدم وجود خطة طويلة لاحتواء الساحة وتوجيهها ، وتحريك العناصر الإيجابية الكامنة في داخلها ، والاستفادة من بعض العوامل الملائمة لحركة الرسالة ... لأن سنّة الله في الحياة قائمة على أن الكون لا يخضع لوجه واحد في حركته ، بل يتغير من حال إلى حال ، تبعا للعوامل الداخلية والخارجية المتنوعة الخاضعة لحركة التغيير.
ولهذا فإن علينا أن لا نستسلم للواقع الذي يتحرك من خلال الضغط