وهكذا تؤكد هذه الفقرة على العطاء الذي يحقّق غايتين إنسانيتين في شخصية المعطي ، من حيث انفتاح روحه على مشاكل الآخرين ، وتفاعله معهم ، مما يساهم في تنمية المشاعر الروحية الطاهرة ، وامتداد مسئوليته في حياة الإنسان المحروم ، وفي حياة هؤلاء الذين يرزحون تحت ضغط الحاجات الحياتية ، إذ عند ما يعيشون روح المشاركة الإنسانية من إخوانهم ، يشعرون بالثقة في مواجهة مشاكل الحاجة ، ويحسون بالطمأنينة النفسية أمام كل حالات القلق والخوف من المجهول. وهكذا يركز التشريع الإسلامي قاعدة التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم ، من موقع المفهوم الإسلامي الذي يفرض العطاء كمسؤوليّة ، ويؤكد على الإحسان كحالة روحية إنسانية في أجواء الآخرة بعيدا عن الشعور بالشفقة المذلّة التي ترهق كرامة الإنسان.
* * *
التبذير نهج غير إسلامي
(وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) التبذير يمثل نوعا من صرف المال بطريقة غير متوازنة في الكمّ والنوع ، بحيث لا يستفيد منه الإنسان ، على مستوى النتائج ، بشكل طبيعي ، بل قد يؤدي إلى لون من ألوان فقدان التوازن الفكري والعملي في وظيفة المال في الحياة ، التي تتلخّص في تلبية حاجات الإنسان العامة والخاصة بحجمها المحدود ، دون أية زيادة مفرطة ، وبذلك يمثل التبذير المالي حالة مزاجية تنطلق من الهوى النفسي الخاضع لبعض المؤثرات الذاتية المرضية التي تلتقي بالفساد والإفساد بعيدا عن أية مصلحة معقولة للحياة.
ومن خلال هذا التفسير للتبذير ، نعرف أن طبيعته تلتقي بالصرف