إليه البعض ـ أن يضغط عليهما ، ويسيء معاملتهما ، ويحاصرهما في نشاطهما الروحي ، وذلك من خلال طغيانه وكفره اللذين لا يراعي معهما أيّة قرابة وأيّة عاطفة. (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ) أي طهارة في ما تمثله من الخير والصلاح والإيمان ، (وَأَقْرَبَ رُحْماً) بمعنى أشدّ وصلا للقرابة وللرحم فلا يرهقهما بشيء.
وهكذا نجد عملية هذا القتل ، مرتكزة على حجّة إيمانية تتصل بالتوازن بين مفسدة مهمّة وأخرى أهم ، فكانت الغلبة للأهم. وإذا كان هذا الأمر غير مألوف في طبيعة الممارسة ، باعتبار أن قتل إنسان مّا ، لتجنيب إنسان آخر الضلال بسببه ، ليس أمرا منسجما مع طبيعة الجزاء على مستوى حركة الصراع ، فإن المسألة قد تكون ناشئة لاستحقاق هذا الإنسان القتل بكفره وطغيانه ، ولكن ذلك لم يكن في مستوى الأولوية السريعة ، لو لا النتائج المستقبلية السلبية المترتبة عليه. وعلى كل حال ، فإن ذلك لم يكن تصرفا ذاتيا من العبد الصالح ، بل هو أمر إلهيّ أوحى به الله إليه بطريقة خاصة ، كما ستأتي الإشارة إليه بعد ذلك في الآية التالية.
* * *
سبب إصلاح الجدار
(وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) مما أوجب رعاية الله لهما في غياب أبيهما الذي اختاره الله إليه ، (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما) ليعيشا حياة طبيعية كريمة ، فلا يضيع كنزهما تحت تأثير سقوط الجدار الذي يكشف عن موقع الكنز فيتناهبه الناس ، ولذلك فلم تكن المسألة خدمة لأهل القرية الذين لا يعيشون قيمة