المستضعفون معه من مواقع العمق الداخلي للذات. وهذا ما يجعل المترفين يبحثون في بعض أحكام الإسلام عمّا يتخذونه وسيلة لتبرير ترفهم ولهوهم وعبثهم ... ولو كان ذلك بطريقة التحريف واللعب على النصوص ، بينما يبحث المؤمنون عن أفضل الطرق لتطبيق أحكام الله ، ولتغيير أوضاعهم وعاداتهم وتقاليدهم من خلال ذلك ، وللاحتياط في تركيز المواقف على خط الشريعة ، بعيدا عما إذا كان ذلك منفعة لهم أو لا.
* * *
استيحاء الآية في حركة الواقع
وقد نستوحي من هذه الآية كيف يتحرك المؤمنون العاملون ، من علماء أو دعاة ، في مواجهة الإغراءات التي يقدمها إليهم المجتمع المنحرف ، ليكونوا جزءا منه ، ولينسجموا مع أوضاعه ، وليحصلوا على امتيازاته ... مما يفرض عليهم أن يقدموا كثيرا من التنازلات في أقوالهم وأفعالهم ومواقفهم ، وبذلك يبتعدون ـ نفسيا ـ عن أجواء المستضعفين ، وينظرون إليهم نظرة مستعلية ، انطلاقا من المواقع الجديدة التي ارتفعوا إليها ، عند ما يتحول الموقع الديني إلى مركز من مراكز النفوذ الاجتماعي أو الرسمي الذي يعطي للشخص الذي يحتله هالة كبيرة تفصله عن الجو الإيماني الفقير. وقد يؤدي ذلك إلى الابتعاد عن المواقف الحاسمة في طرح الإسلام بشكل حاسم واضح ، في مواجهة الطروحات الكافرة أو الضالة ، لأن ذلك قد يسيء إلى نظرة المجتمع الرسمي إليهم ، الذي لا يتقبل أن يقدّم الإسلام كحلّ شامل للحياة في مقابل الحلول الأخرى ، بل يريد له أن يقدّم كدين بمعناه التقليدي البعيد عن الحياة وعن حركة التحديات على صعيد الواقع والإنسان.
إننا نلاحظ التأكيد على هذا الجانب ، من أجل أن يبتعد العاملون عن