شيئا في مصلحة الإنسان في ما يتصل بحياته العملية ، فيغرقون في الأمور التجريدية ، أو في الخلافات اللفظية ، أو في القضايا الشكلية ، أو في الأعداد التي لا تعني شيئا ، أو في الأسماء أو الأنساب التي لا توحي بشيء ، وغير ذلك مما لا ينفع من علمه ولا يضرّ من جهله. وهذا ما يحدثنا القرآن عنه ، كمظهر من مظاهر التخلّف التي ينبغي للإنسان أن يبتعد عنها.
(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) وسيقولون الكثير مما قد يعلمون منه القليل ، ويجهلون منه الكثير ، ويريد الله لرسوله ، وللمسلمين من خلاله ، أن يختصروا المسألة بكلمة حاسمة تنهي الخلاف : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) فلنترك الأمر لله ، في ما يعلمه من خفايا الأشياء التي لا نملك أساسا لمعرفتها ، ولا نجد أيّة فائدة في البحث عنها. (ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) ممن استطاعوا التعرّف على مصادر التاريخ الموثوقة من وحي أو غير ذلك ، (إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ) لا تجادل إلا بطريقة سريعة يفرضها الواقع الذي من حولك ، (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) لأن ذلك لن يحقق لك أيّ شيء في المعرفة الحقيقية النافعة التي يريدها الله للإنسان.
* * *
من وحي القصة
وهكذا تنتهي هذه القصة العجيبة ، ليبقى لنا منها الفكرة الموحية التي تواجه المؤمنين المتمرّدين على عقيدة الانحراف في مجتمعهم ، فيرفضونها ويلتزمون خط الاستقامة من خلال الإيمان بالله ، فيواجهون الاضطهاد من القوى المستكبرة في المجتمع ، ويخافون السّقوط أو الانحراف تحت تأثير الضغوط القاسية التي تلامس نقاط ضعفهم بطريقة وبأخرى ، فيخرجون من