أن يعبدوا الله ولا يعبدوا غيره ، وفي الخط الذي سار عليه عباده الذين جعل لهم الدار الآخرة ، في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) [فصلت : ٣٠] ، حيث اكتفى في ذلك بالإعلان عن توحيد الربوبية لله ، والانطلاق في الحركة على أساس الاستقامة على هذا الخط.
* * *
عبد شكور
(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) وهم الجيل الثاني للبشرية ، الذين باركهم الله وأنقذهم من الطوفان ، لأنهم آمنوا برسالة نوح وأخلصوا لله ، وتمردوا على قومهم ، ليبدأوا المسيرة الجديدة على أساس الإيمان بالله والسير على هداه ، ولتتبعهم ذريتهم في ذلك ، من خلال وحي الله ورسالته ... وهكذا كان هذا الجيل الذي عاش مع موسى من قومه ، من ذرية أولئك الذين أراد الله هدايتهم بوحيه مع موسى ، كما أراد الله هداية أولئك بنوح عليهالسلام (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) فهو أخلص لله العبودية ، التي تمثلت في هذا الثبات على الموقف ، والاستمرار في مواجهة الصراع مع القوى الكافرة في هذا الزمن الطويل الذي شارف على الألف سنة من دون تأفف أو تذمّر ، حتى استنفد كل الوسائل التي يملكها في حركة الدعوة ، ليرضى الله عنه في ذلك ، وليؤكد له عبوديته الخالصة في كل المواقف والمواقع. وهذا هو المظهر الحيّ للشكر الذي تؤكد الرسالات عليه ، من خلال الارتباط بالله والسير على مرضاته ، لأن الله يريد للناس أن يشكروه بالطاعة ، باستعمال ما أنعم به عليهم مما يخدم الحياة والإنسان ، لا بالكلمة المجرّدة والعاطفة الساذجة.
* * *