مناسبة النزول
وقد ذكر المفسرون ـ في سبب نزول هذه الآية ـ أن عيينة الفزاري ـ أحد رؤوس المشركين ـ أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرأى عنده جماعة من فقراء أصحابه ، فيهم سلمان الفارسيّ ، وعليه شملة قد عرق فيها ، وبيده خوص ـ ورقة النخل ـ فقال عيينة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما يؤذيك ريح هؤلاء ، ونحن سادات مضر وأشرافها ، فإن أسلمنا أسلم الناس ، وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء ، فنحّهم عنك حتى نتبعك ، أو اجعل لهم مجلسا ، ولنا مجلسا .. فنزلت الآية (١).
وقد لا نستطيع الجزم بصحّة هذه الرواية ، ولكن جوّ الآية يوحي بوجود شيء من هذا القبيل ، لأن القرآن كان يرعى حركة الرسالة في شخصية الرسول وفي حركة المؤمنين ، ليضع له ولهم المنهج من خلال القضايا المطروحة آنذاك ، التي كانت تعتبر نقطة انطلاق لتأكيد المنهج وتثبيت القاعدة ، فلم تكن المسألة ردّ فعل للواقع المضادّ ، بل كانت بمثابة تحريك النظرية من موقع التطبيق ، وتركيز القاعدة من خلال الواقع.
* * *
وحي الله هو الحقيقة النهائية
وهذا خطاب للنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بصفته الرسالية التي تتحرك في خط الدعوة إلى الله ، والعمل في سبيله ، والإشراف على حركة الواقع في هذا
__________________
(١) مغنية ، محمد جواد ، تفسير الكاشف ، دار العلم للملايين ، ط : ٤ ، ١٩٩٠ م ، ج : ٥ ، ص : ١٢١ ـ ١٢٢.