المأزق سبيلا ، بل يخافون كما تخافون ، ويطلبون المدد من الغيب كما تطلبون ، لأنهم عباد أمثالكم ، يحملون مثلكم نقاط الضعف الذاتية ، ولكنكم خدعتم أنفسكم بمظاهر القوة التي يملكونها ، ولم تنفذوا إلى ما وراءها من عوامل الضعف ، فعبدتموهم من دون الله ، حتى واجهتم الحقيقة الآن. فما ذا هناك؟
* * *
الله هو القوة المطلقة المهيمنة
(ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) لقد ضاع كل هؤلاء الذين جعلتموهم شركاء من دون الله ، وتبخّرت كل صورهم وأشكالهم وظاهر قوتهم في الهواء ، أمام قوّة الرياح وعسف الأمواج ، وتحوّلوا إلى أشباح تتطاير في الخيال ، ولا تملك أن تتماسك لحظة في البال ... لقد ضاع هؤلاء جميعا ، وبقيت الحقيقة الثابتة المشرقة التي مهما غفل الإنسان عنها فإنها تبرز من جديد ، لتفرض نفسها على الفكر والشعور والوجدان ، ولتؤكد وجودها في الحياة من موقع حاجتها إليها في كل لحظة. لقد ضاع كل هؤلاء إلا إيّاه. هو القوّة المطلقة ، الإله الخالق المهيمن على كل شيء ، والقادر على كل شيء. إنك لن تحتاج إلى أن تلفظ اسمه لتعرفه ، لأن كل كيانك يتجه إليه من دون جهد ، بكل عفوية الحقيقة وبساطتها الماثلة في كل شيء ، ولا يتجه إلى غيره ، لأنه ليس هناك من يستطيع أن ينقذك من ضرّك غيره ، ولكن الإنسان يبقى إنسانا في نسيانه وغفلته ، فلا يحتفظ في وعيه بالحقائق التي تربطه بالعمق ، بل يظل في مستوى السطح حيث الذاكرة لا تحوي إلا الأمور الشخصية.
* * *
اللّجوء إلى الله مظهر للإيمان لا حالة طارئة
(فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) عن ذكره في ضمائركم ، وانحرفتم عنه لأنكم