نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يأمرهم بقول التي هي أحسن» (١).
ولكن من الملاحظ أن مثل هذا الاستيحاء أو الاستظهار ، لا قرينة عليه من ناحية الآية في مدلولها ، ولا من ناحية تاريخية في سلوك المؤمنين مع المشركين. وربما كان استظهاره إرادة المؤمنين من قوله تعالى : (وَقُلْ لِعِبادِي) ما ينافي ذلك ، لأن السياق يوحي بأن المسألة هي من أجل تنظيم حركة العلاقات بين المؤمنين في طريقة التخاطب والحوار ، وذلك في قوله تعالى : (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) فإن الضمير راجع لعباده.
وإننا نرى في هذه الآية توجيها للناس كافة باتباع الكلمة التي هي أحسن في الحوار من دون اختصاص بالمؤمنين ، لعدم ظهور كلمة (عبادي) في هذا الاختصاص ، بل إن حال الكلمة هي حال «يا أيها الناس» التي يراد من خلالها توجيه الناس جميعا إلى القواعد العامة التي تنظّم سلوكهم وحياتهم بشكل عامّ ، مما يجعل المؤمنين يتحركون من خلال التزامهم بالشريعة ، إلى الالتزام بهذه المبادئ الإلهية الإنسانية في بعدها الإنساني ، الذي يوحي إليهم بالانسجام معها من خلال المسلمين وغيرهم ، ليخاطب المؤمنون بعضهم البعض بالتي هي أحسن ، فيعمّقوا الصلة الروحية الإيمانية بينهم ، وليخاطبوا غيرهم من المشركين والكافرين بهذا الأسلوب ، ليحطموا حواجز العناد والتمرّد في داخلهم ، ويقودهم إلى أجواء الإيمان من أقرب طريق.
* * *
استحضار علم الله أمام الإنسان
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) وبما يصلحكم أو يفسدكم ، ولذلك أمركم بما أمركم
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ١١٥.