ذهب ، (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) فننظر إليك وأنت تعرج إليها ... (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) حتى لا تسحرنا بطريقة معينة ، فتوحي إلينا بذلك من دون حقيقة. أما إذا جئتنا بالكتاب ولمسناه بأيدينا ، وقرأناه بأعيننا ، فإن ذلك قد يكون دليلا على أننا نواجه حقيقة مادية ، لا حالة تخييلية من فعل ساحر يسحر الأعين.
هذه هي الاقتراحات ، فاختر واحدة منها لنؤمن بك ، وبأنك رسول الله من خلال ما تقدمه لنا من الإعجاز.
* * *
الواقعية في الخصوصية البشرية
ولكن الله يعلّم رسوله بأن هذه الأمور لا تقع في نطاق قدرته ، لأنه بشر لا يملك أن يقوم بأيّ عمل خارق للعادة من خلال قدراته الذاتية ، فهو مجرد رسول يوحى إليه ليبلّغ الناس ما يريد الله له أن يبلّغه في وحيه ، وليس من شأن الرسالة أن تغير الكون في نظامه الكوني ، بل إن دورها أن تغيّره في نظامه الإنساني العملي ... ولذلك ، فلا مجال لأيّ شيء مما تقترحونه (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) وليس عليّ إلا أن أبلغكم رسالات ربي ، وأفتح عقولكم من خلال الحوار الذي يقودكم إلى الحجة على صدق الرسالة.
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) في وحي الله على يد رسوله ، (إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) في استغراب يوحي بالإنكار أو بالشك ، انطلاقا من التصور الخاطئ الذي يرى الرسالة شيئا من شؤون الملك ، لا من شؤون الإنسان. ولكن الله يعالج المسألة بتصحيح هذا التصور ، فإن الرسالة تفرض الدعوة بالفكر وبالقدوة ، فلا بد من أن يكون الرسول من الناس ، ليكون تجسيده للرسالة في سلوكه أساسا للإيمان بواقعية الفكرة التي يدعو إليها ، من