على خطورة المسألة في وعي الناس من حيث نتائجها السلبيّة على مستوى الآخرة ، إذا أهملوا أمره أو تصرفوا معه تصرفا غير شرعيّ ، أو من حيث نتائجها الإيجابية ، فيما إذا قاموا برعايته وخدمته واحتضانه بالعطف والرحمة ، لأن ذلك هو الخط الإسلامي العام الذي يستهدف حماية الضعيف وتقويته وحفظه من كل اعتداء ، فإن الله لا يريد ظلم أحد ، على أساس حالة الاستضعاف التي يحس بها الضعيف في نفسه ، أو يفرضها القوي عليه ، في المجالات التي لا يستطيع معها الدفاع عن نفسه.
* * *
خطوات التشريع في حماية اليتيم
وقد جاءت هذه الآية لتحدد الخط المستقيم في طريقة التصرّف في مال اليتيم من أجل حمايته.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) أى لا تتصرفوا فيه بأيّ نحو من أنحاء التصرفات العملية والقانونية ، وذلك على سبيل الكناية ، في التأكيد على المنع عن التصرف ، بالتركيز على المنع عن القرب منه (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وذلك في الموارد التي تشتمل على المصلحة له ، في تنمية ماله وتحريكه بالطريقة المثلى التي تحفظه وتصونه من الضياع ، مع ملاحظة التحفظات الشرعية التفصيلية في هذا الجانب من حيث شخصية المتصرف بأن يكون وليّا خاصا ، أو عاما عند فقدان الولي الخاص ، من المجتهد العادل أو عدول المؤمنين ، ومن حيث طبيعة التصرف في أنواعه ، مما تعرّض له الفقهاء في كتب الفقه ، فلتراجع هناك. والظاهر أن المقصود بالأحسن ، هو الأفضل من عدمه ، لا الأعلى على جميع المستويات ، لأن ذلك ليس بمقصود ، على الظاهر.