عمق الوعي في امتداد الآيات
(لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) في ما عاشه من أجواء الإسراء الدالّة على عظمة القدرة وروعة النعمة ، وما رآه من مواقع الرسالات الأولى ، وما كشف الله عن عينيه من آفاق الغيب ـ كما ترويه تفاصيل القصة ـ وهكذا كان هذا الحدث الكبير نافذة للمعرفة ، تطلّ به على كثير من حركة الكون في ما غاب عنه من أمره ، وعلى حركة الغيب في ما انفتح له من سرّه ، وعلى حركة التاريخ في ما كشف الله له منه ، كما لو كان شيئا حاضرا لديه مما عاينه ورآه.
وربما نستوحي من ذلك أن الله يريد لرسله أن تتكامل لهم المعرفة في آفاق آيات الله ، من خلال ما يملكون الحصول عليه بشكل مباشر ، وما يحصلون عليه بالقدرة الغيبيّة بشكل غير مباشر ، لأن ذلك هو سبيل التكامل في شخصية من يريد أن يقوم بعملية تغيير العالم في الفكر والحياة ، مما يفرض عليه أن يملك وعي المعرفة في أوسع آفاقها لتقوم به الحجة على الناس من موقع المعرفة التي تقهر الجهل ، كما تقوم به من موقع المعجزة التي تصدم التحدي ، فينفتح عقل الإنسان على الحقيقة من خلال الرسالة.
وربما نستوحي من ذلك ، أن هذه المهمة لا تنحصر في شخصية الرسول في خصوصيته الذاتية التي تتميز بميزة الوحي ، بل هي خصوصية الرسالة التي تتصل بهداية الناس ، مما يوحي للدعاة إلى الله ، أن ينفتحوا على المعرفة في أوسع مجالاتها ، في ما يحتاجونه في قضايا التبليغ وحركة التغيير ، مما يجعل من الداعية إنسانا في مركز القيادة على مستوى وعي الفكرة وانطلاق الحركة ، ليستطيع التأثير في مجتمعة من مركز القوّة والانفتاح. وهذا يفرض عليهم الاطلاع على آيات الله في الكون ليزدادوا معرفة به ، نتيجة ما يشاهدونه وما