تارة ، وتجيء به أخرى. (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) فهو الذي يخلق الحياة ، ويمنحها قوّة الامتداد ، وتنوّع الشكل ، ومواقع الحركة ... ثم يدخلها بطريقة متنوعة في عالم الفناء ، من أجل التحضير لموسم حياة جديد. وكما هو النبات تختلف فيه الحياة في النمو من فصل إلى فصل ، كذلك الإنسان في حركة الحياة من بعد الموت الذي يعقب الحياة. وتلك هي قصة الدنيا في الإنسان ، من خلال ما يطل عليه منها من مظاهر الحركة والنموّ والبهجة والنضارة والزهو والشباب ، وما يثيره في داخله من مشاعر الفرح والأمل والقوّة ، وما يغذيه في داخله من الغرائز والشهوات والميول ... إنها تتوهّج وتزهو وتجعله يعيش ما يشبه الأحلام الوردية ، ثم تبدأ بالضعف والتراجع والانحسار ، وتتحول المشاعر الحلوة إلى مشاعر مرّة يواجه فيها الإنسان الحزن واليأس والهزيمة ، وتنتهي إلى أن تتفتت في يديه ، وتتكسّر في حياته قطعة قطعة ، ثم يتهاوى معها إلى حيث يتحوّل إلى هشيم تتقاذفه رياح الفناء ، ويعود إلى التراب ، لتذروه الرياح العاصفة من جديد في الفراغ.
* * *
زينة الحياة الدنيا
(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) من خلال ما يدخل على الإنسان منها من بهجة وأنس ، وما يستمتعه من شهوة وعاطفة وحركة وجمال .. وما يحقق منها من منفعة وقوّة وامتداد في شؤون الحياة ... فالمال يمثّل ـ في حياته ـ العنصر القويّ الذي يفتح له أكثر الساحات ، ويجمع حوله الكثير من الأعوان ، ويحقق له أحلى المشتهيات ، ويرفعه إلى الدرجة العليا في الموقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، ويمنحه حرية الحركة في ما يريده لنفسه من طيبات