(وَاسْتَفْزِزْ) ، الاستفزاز : الاستخفاف والاستنهاض.
(وَأَجْلِبْ) : من الجلبة وهي الصّياح.
* * *
تكرار قصة آدم وإبليس للغظة والاعتبار
وتبقى قصة آدم وإبليس ، هي القصة التي يراد لها أن توحي للإنسان بالحذر انطلاقا من الخط الذي تحرك في بداية الخليفة ، وبدأ بحالة الكبرياء الذاتية العنصرية ، التي دفعت إبليس إلى الامتناع عن السجود لآدم ، كما أمره الله ، وإلى التخطيط لإضلال بنيه في المستقبل ليخرجهم من الجنة ، كما كان أبوهم سببا لإخراجه من رحمة الله ، في ما تحركت به النوازع إلى هذا المصير.
وهذا ما يريد الله للإنسان أن يعيشه في مواجهة الشيطان ، كحقيقة ثابتة تفرض نفسها عليه في عملية إغواء وإضلال ، ولكنها لا تستطيع أن تشلّه وتجمّده ، لأنه يملك العقل الذي يحدّد له مواقع الخير والشر كما يملك الوحي الذي يقوده إلى تفاصيل الواقع ويحذّره من نتائجها السلبية بطريقة حاسمة.
وتبقى القصة المتكررة في القرآن ، أسلوبا لا يريد أن يكرر الواقعة كخبر للمعرفة ، بل يريد أن يحركها في كل موقع للفكر ، وللعظة ، وللاعتبار.
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) تحية له وتكريما لمقامه ، أو خضوعا لله الذي خلقه في أحسن الخلق وأورعه ، (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) لم يسجد ، لأنه كان يعيش في داخل نفسه عدم التوازن بين حس الكرامة في الذات وحس العبودية لله ، فلم يعرف أن المخلوق لا يملك أيّة إرادة أمام الله ، فلا بد له من أن يعيش الاستسلام المطلق لذاته المقدّسة ، وأن كرامته مستمدّة من طاعته لله ،