القوة الظاهرة لبعض الأشخاص ، أمام الضعف الذاتي لأنفسهم ، مما أدّى إلى أن يتحرك الوهم لتضخيم الصورة ، بالمستوى الذي يمنحونها الكثير من الخيال والمزيد من الأسرار ، ثم يعبدونها ، وهم ـ بذلك ـ يعبدون خيالاتهم وأوهامهم. وهكذا فإنهم يسبغون صفات الألوهة على أحجار معينة ، يتفنّنون في تلوينها وتحسينها وإتقانها وإبداعها في الصورة ، ثم يتصورون لها عمقا في السرّ ، أو معنى في القوّة. ولكن هل يملكون حجة على ذلك كله ، أو تفسيرا صحيحا لما يقومون به من عبادة؟ إنّ القرآن يؤكد نفي ذلك كله ، فهم لا يملكون أيّ برهان وأيّة حجة ، (لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) مما يقدمه العقل من سلطان فكريّ على أيّة حقيقة ، ولكنه الافتراء والكذب الذي يمثل الخطورة الكبرى على حياة الإنسان من خلال ما يمثله من افتراء الكذب على الله. (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) لأنه يظلم الحقيقة الإيمانية التي تمثل خلاص الناس كلهم في جميع قضايا المصير في الدنيا والآخرة ، ويظلم الله في حقه في العبودية له ، بالاستسلام له في كل شيء ، والسير مع تعاليمه في خط الصدق الذي لا يهتز ولا ينحرف عن الحق.
* * *
اعتزال كلّ الآلهة المدعاة
(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) أي خرجوا من بين الناس واعتزلوا مجتمعهم ، بعد أن فقدوا كل إمكانية لهدايتهم ، أو الحصول على حريتهم في الدعوة إلى الله ... مما جعل من الاعتزال عنهم ضرورة وقائية ، أو محاولة للوصول إلى موقع آخر ، يسمح لهم بالالتفاف عليهم من جديد. وهكذا اعتزلوهم وما يعبدون من دون الله ، وكل ما يتصل بهم ، إلا الله الذي لا يمكن