أساليب متنوعة في القرآن والهدف واحد
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) التصريف هو التكرير الذي تتنوّع فيه الأساليب والكلمات ، وتلتقي عند هدف واحد في التوعية المنفتحة على آفاق الحق في العقيدة والتشريع وحركة الحياة ، وفي تركيز الإرادة على الصلابة في الموقف ، في عملية الاختيار التي لا تهتز ولا تتزلزل أمام كل الضغوط النفسية المنطلقة من التهاويل والأضاليل والتحديات والمتغيرات المتنوّعة القادمة من كل اتجاه ، من خلال ما يمارسه الكافرون والمضلّلون والمنحرفون من وسائل وأساليب.
لقد جاء القرآن ليواجه حاجة الإنسان إلى التنوّع في انطلاقته في الحياة ، فأراده أن يتحرك من خلال المنهج السائر على خط الفكر والتجربة والمعاناة ، وهداه إلى الآفاق التي يمكن لها أن توسع نظرته ، وإلى المواقع التي يمكن لها أن تغني تجربته ، وإلى المواقف التي يمكن أن تحدد له طريقه وتركّز له هدفه. وهكذا فإن القرآن منطلق فكر ومنهج حركة ، من أجل أن يهتدي الإنسان إلى قيادة نفسه في الاتجاه السليم وإلى قيادة الحياة والآخرين إلى النهج الأقوم ، الذي ينفتح على الله في أكثر من أفق للمعرفة ، وينفتح على المعرفة في أكثر من مجال. ولكن الإنسان ينسى نفسه وينسى ربه ، فينسى موقعه في الكون ، ودوره في حركة المسؤولية وفي استلهام الوحي الإلهي في ما يحتاجه من قضايا المصير ، فيعيش اللامبالاة التي توحي له بالعبث والهروب من مواجهة الواقع المسؤول ، فيكفر بالله ، وتتعاظم ضغوط الغريزة والانحراف في حياته ، المتمثلة في سلوك الأكثرية كما أشار الله إلى ذلك : (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) بالله وبالحق المنطلق من مواقع العقل ، الذي يكتشف الحقيقة في صفاء الفطرة والوجدان ، ومن مواقع العقل ، الذي يكتشف الحقيقة في صفاء الفطرة والوجدان ، ومن مواقع الوحي ، الذي يخطط لحركتها في التفاصيل الدقيقة من حياة الإنسان.
* * *