(بِتَأْوِيلِ) : بتفسير.
* * *
درس موسى الثاني
وبدأ الدرس الثاني ، ولكن الموقف كان أكثر إثارة للدهشة والإنكار ، لأنه كان يجسّد الجريمة بطريقة طبيعية. (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) من دون أيّ ذنب جناه ، ومن دون أيّة مشكلة حادثة بينهما وبين هذا الغلام. وبذلك كانت المسألة لا تحمل أيّ تبرير من أيّة جهة كانت ، لأن مبررات القتل واضحة في مواردها الشرعية التي ليست موجودة في هذه الحادثة ، ولذلك وقف موسى ليحتج بشدّة على هذه الجريمة البشعة ، (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) أي طاهرة (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أي من دون أن يقتل نفسا محترمة؟ (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) ينكره الشرع والناس والوجدان.
وقد أثار المفسرون الحديث حول ما إذا كان هذا الغلام غير بالغ ، باعتبار ما تفسره كلمة الغلام ، ولكنّ بعضا آخر يرى الكلمة تتسع للبالغ كما تتسع لغيره ، ويرى في اعتراض موسى عليهالسلام بقوله : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ) أن القتل ـ لو حصل من الغلام ـ لأوجب القصاص ، وهو مختصّ بالبالغ.
وأجابه العبد الصالح بهدوء ليذكره من جديد بعهده بالصمت ، (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ولماذا لم تستفد من التجربة الأولى التي عرفت فيها خطأ موقفك في اهتزاز مشاعرك أمام الحدث الذي لم تفهمه ، ولم تفكر بأن من الممكن أن يكون له وجه آخر ، لا سيما وأنك لا تجد في ملامحي شخصية الإنسان الشرير الذي يريد أن يؤذي الناس ويوقعهم في ضرر كبير؟