طريق ، فيكتشف كيف يكون الفكر أساسا للقناعة ، وكيف يكون الحوار وسيلة للوصول إلى مواقع الوحدة أو التفاهم ، وكيف تكون الصراحة أداة لاكتشاف الحقائق ، وكيف يكون التعاون قوّة للساحة ، وكيف يكون الانسجام بين القناعة والموقف مظهرا للقوة ، فيلتقي بالإيمان القائم على الحجة ، وبالمسؤولية المرتكزة على الوضوح ، وبالإخلاص المنطلق من خط التقوى وقاعدة الحق.
(وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) في ما يفتح قلوبهم على النور الذي يتفايض بالعلم واليقين والإيمان ، ويدفع مواقفهم إلى التكامل أو الوحدة أو اللقاء ، ويهذب نفوسهم بالطهر والعفّة والصفاء ، ويحقق لهم الكثير من النتائج الإيجابية على صعيد التخطيط الدقيق للفكر والشريعة والحياة ... وبذلك تتحول الرحمة من عاطفة في القلب ، وإحساس في الشعور ، إلى حركة واعية مليئة بكل ما يغني التجربة ، ويعمّق الوجود. إنها رحمة الفعل ، لا رحمة الانفعال.
خسارة الظالمين
(وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) هؤلاء الذين يعيشون اللامبالاة والاسترخاء أمام حاجات الجسد ، وينتقلون من خسارة إلى أخرى في طريقتهم في الحياة ، وأسلوبهم في حركة العلاقات وطبيعة الانتماءات ، القائم على سياسة اللف والدوران ، فيفقدون سلامهم النفسي والعملي ، ويتخبّطون في الحيرة والارتباك ، ويتحركون في نفق الضياع ... وتأتي آيات القرآن لتضعهم وجها لوجه أمام الربح الحقيقي ، الذي يؤمّن لهم سلامة الدنيا والآخرة ، ويحقق لهم سعادة الروح إلى جانب سعادة الجسد ، ويقدم لهم ذلك كله بطريقة تفصيلية في آياته البيّنات ، وفي تشريعاته الحكيمة ، وفي منهجه القويم ، فيرفضون ذلك كله ، فيخسرون بذلك كل الخير في الدنيا ، ويضيفون إليه خسارة المصير في الآخرة ، عند ما يواجهون الحساب الدقيق الذي ينتهي بهم إلى عذاب النار ، جزاء على ما أنكروه من حقائق ، وما فرّطوا فيه من مواقف ، وما أجرموا به من أعمال.
* * *