الصلاة منبع للقوّة المتجددة
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ). ويبقى للصلاة دورها الأساس في التعبئة الروحية ، التي تمد الرسول بالإمداد الروحي المنفتح على الله ـ سبحانه ـ في مناجاة حبيبة للروح ، شهيّة للفكر ، عميقة الإحساس في القلب والوجدان. وهذا ما نستوحيه من الكلمة المأثورة عن النبي في ما حبّب إليه من دنيا الناس حيث روي عنه أنه قال : «حبّب إليّ من دنياكم : النساء ، والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة» (١). وهذا ما يوحي باللذة الروحية التي يعيشها في ذاته ، من خلال هذا اللقاء الروحي بالله ، فتقرّ عينه ، ويرتاح قلبه ، وتصفو روحه ، وتتساقط المشاكل في هذه الأجواء الرحبة ، فلا تتحول إلى عقدة يتأزّم فيها الفكر والشعور ، بل تتحوّل إلى قضيّة تتحرك في خط المسؤولية التي يعيش فيها الإنسان رسالية الفكر ، وتفاؤل الحل ، وامتداد الحياة.
إنها القوة المتجددة المتحركة ، التي يعيش معها الإنسان الحضور الإلهي في روحه وقلبه وفكره وحياته ، فيخضرّ في داخله الأمل ، ويعشب فيه الفكر ، وتتفايض في حياته ينابيع الخير ، وتناسب في مشاعره نبضات المحبة ، وتتحرك في قلبه خفقات الرحمة ، وتلتقي في خطوات حياته مواقع المسؤولية. وهكذا كانت الصلاة وسيلة حيّة من وسائل التنمية الروحية ، والتعبئة الوجدانية ، في أجواء الإنسان في حركة الحياة.
وهذا ما أراد الله إثارته في وعي الرسول ـ بصفته الإنسان المسلم الأول ـ والسائرين في خطاه ، أن يقيم الصلاة في جميع أوقات اليوم ، كي تحتوي
__________________
(١) البحار ، م : ٢٦ ، ج : ٧٣ ، ص : ٦٤٩ ، باب : ١٩ ، رواية : ٩.