المقارنة بين الإيمان والمادة
وهنا يلتفت إليه ، ليدخل في عملية المقارنة التي أثارها هذا الغني المترف بين ما يملكه من مال وولد ، وبين ما يملكه هذا العبد المؤمن الفقير ، ليثير أمامه الفكرة الإيمانية التي توحي للمؤمن بأن يكون بما عند الله أوثق منه بما عنده ، ما دامت المسألة في خط العطاء وخط المنع متصلة بالله. (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) فليست هذه هي مشكلتي التي أعيش السقوط أمامها أو الضياع فيها ، لأن هناك نافذة واسعة في روحي وفي عمق إحساسي بالقدرة المطلقة لله والمتصلة برحمته الشاملة ، تطلّ بي على المستقبل في انفتاحه على الأمل الكبير المنطلق من الله.
(فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) فيعطيني كما أعطاك ، بل ربما يعطيني أكثر مما أعطاك ، وقد يسلبك كل ما لديك عقابا على هذا الغرور الأهوج وهذه الكبرياء الطاغية في التعاطي مع الآخرين. (وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) وهو كناية عن الحدث الذي يسبب هلاك الأرض وزوال كل ما فيها من خضرة وريعان (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) أي أرضا ملساء مقفرة لا شجر فيها ولا نبات ، (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) ذاهبا في باطن الأرض ، (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) لأنه غاب في أعماقها فلا يعثر عليه أحد.
* * *
عاقبة المغرور بدنياه
وتكتمل الصورة بالمشهد الأخير للقصة ، فنشاهد أمامنا هذا الإنسان ،